أستاذ جامعي يستولي على أكثر من (550) ترجمة من "تتمة الأعلام"
(أكثر من 400 صفحة) !
في كتابيه "نثر الجواهر" وذيله "عقد الجوهر" !!
توطئة وتعريف:
ولع أهل التراجم بأن ينقلوا من أمير المؤمنين في الحديث محمد بن إسماعيل البخاري رحمه الله قوله: "أرجو أن ألقى الله عزَّ وجلَّ ولا يحاسبني أني اغتبت أحداً"!
ينقلون منه هذا لا للفتِ النظر إلى مناقبه العظيمة فقط، وإنما لمعرفتهم بصعوبة ذلك على أهل الحديث خاصة، وهم يعدِّلون ويجرِّحون، فلا بدَّ من الحديث عن الرواة في غيبتهم، رضوا أم سخطوا، وأحياءً كانوا أم أمواتاً... وما أراه قال ذلك إلا بعد أن صنَّف كتابه "التاريخ الكبير" وربما "الأوسط" و"الصغير"، وكلها تراجم وسير وأحوال رواة. ولم يقل الإمام البخاري ذلك عُجباً وافتخاراً، فلا يعرف عنه هذا قط، وهو الذي تأدَّب بآداب النبوة، وزهد بما في الحياة إلا العلم والعبادة، ولكنه قال ذلك تنبيهاً وتعليماً لأهل الحديث والمهتمين بالتراجم والسير، بأنهم في خطر ما لم يكونوا كذلك، فإن الغيبة من الكبائر، ولا ينجو منها إلا من رحم الله، وقد وقع فيها كثير من العلماء، من حيث يدرون أو لا يدرون.
وقد ابتليتُ بالاهتمام بالتراجم وفيها ما ذُكر، وكلما ابتعدت عنها رأيتني عدت إليها مدفوعاً بطبيعتي وكأنها هوايتي المفضلة. وقد قدمت في هذا الموضوع أكثر من (30) كتاباً بفضل الله ومنِّه وكرمه. والله المستعان.
وهذا كتاب صدر وكأنني أرغمت على التعقيب عليه، بعد أن أعرضت عنه مدة، وأنا أدعو الله ألاّ أزعج صاحبه، وألاّ أجرح شعوره، ولا أغتابه، على الرغم من أنه يستحقُّ التأنيب والتقريع الشديد.
ولأذكّر القارئ الكريم أولاً بكتابي "تتمة الأعلام" الذي صدرت طبعته الأولى سنة 1418هـ ويقع في مجلدين، بآخره مستدرك. ويحتوي على أكثر من (2000 ترجمة). وصدرت طبعته الثانية عام 1422هـ، وبآخره مستدرك آخر، ولا علاقة للطبعة الثانية بهذا التعقيب، فإن المؤلف اعتمد على الأولى. ويحتوي على وفيات (20) عاماً، من 1396-1415هـ.
والكتاب المطروح في هذا البحث هو أصل وذيل.
أما الأصل فهو "نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر" من إعداد الدكتور يوسف بن عبدالرحمن المرعشلي، صدر عن دار المعرفة ببيروت سنة 1427هـ، ويقع في 1687ص.
والذيل هو: "عقد الجوهر في علماء الربع الأول من القرن الخامس عشر"، للمؤلف نفسه، وهو تكملة للصفحات السابقة، حتى ص 2199 الذي هو نهاية الكتاب.
فالذيل يقع في (510 ص)، ويتبيَّن للقارئ أنه مجلد متكامل، وكان الأَولى أن يكون في جزء مستقل.
وقد احتوى الأول على وفيات (1301 – 1400 هـ)، والذيل على وفيات (1401هـ حتى ما بعده، لعله سنة 1422هـ).
وملخص القول في هذا التعقيب أن المؤلف المحترم أخذ من كتابي تتمة الأعلام معظم مادة كتابه من وفيات (1396هـ-1415هـ) دون الإشارة إلى المصدر، بالحرف والنص، إلا ما شذ وندر، وهو ما لا حكم له، وذلك على التفصيل الآتي.
وقبل التفصيل أود أن أحيط القارئ بشيء من ترجمة المؤلف المذكور بإيجاز، كما أوردها في آخر كتاب "عقد الجواهر".
فهو الدكتور يوسف بن عبدالرحمن المرعشلي، من مواليد بيروت 1372 هـ، حاصل على شهادة "الدكتوراه اختصاص" من جامعة القديس يوسف في بيروت سنة 1404 هـ عن تحقيق كتاب "المكتفى في الوقف و الابتدا"، ثم على "الدكتوراه آداب" منها أيضاً سنة 1410 هـ عن موضوع علم غريب القرآن. قال وفقه الله: وهي أعلى شهادة تمنحها الجامعة! وافتتح مركزاً للبحث وتحقيق المخطوطات يتبع مؤسسة عالم الكتب، ثم آخر يتبع دار المعرفة. ودرَّس التفسير والتجويد في المعهد العالي للدراسات الإسلامية ببيروت، وعمل باحثاً في مركز خدمة السنة والسيرة النبوية بالمدينة المنورة. وعاد إلى بيروت ليدرِّس الحديث والفقه الشافعي بجامعة بيروت العربية. وذكر لنفسه (185) شيخاً أجيز منهم، مع مؤلفات وتحقيقات بلغت (52) كتاباً.
ونعود إلى الكلام على كتابيه "نثر الجواهر" و "عقد الجوهر"، اللذين ما إن قدّمهما إلي أحد الإخوة المهتمين بالتراجم، حتى أكبرتهما ودعوتُ لمؤلفهما بالخير والثواب، لكن قال لي صاحبي: إنه أخذ منك الكثير. فقلت: هنيئاً له، أخذ الصفوة من كتابي، فهو أفضل منه. فعجب وسكت على مضض، وكأنه تركني حتى أراه!
وما إن قلبت صفحاته حتى صُدمت، فهو ينقل من "الأعلام" للزركلي كما ورد دون زيادة أو نقص، ويكتب المراجع التي اعتمد عليها الزركلي في آخر الترجمة وبآخرها كتابه، ويعني هذا أن "الأعلام" هو أحد المصادر التي اعتمد عليها المؤلف، في حين أنه كله، فهو لم يعتمد على أي مصدر من تلك المصادر التي أوردها!
وعندما وصلت إلى ما نقله من "تتمة الأعلام" كانت الصدمة أكبر! فهو لا يذكره أصلاً، بل يورد جميع الهوامش التي اعتمدتُ عليها فقط! وهذا يعني أنها مصادره هو، وأنه هو الذي كتب الترجمة، وهذا في جميع التراجم التي أخذها من التتمة، مع النقل الحرفي متناً وهامشاً، إلا ما ندر، كأن أتحدث عن علاقتي بالمترجم له وما إليه، وهو لا يتعدى بضع تراجم، فيحذفه.
ولم يذكر "التتمة" في كتابيه جميعاً "الأصل والذيل" سوى (19 مرة) من أصل (576) ترجمة التي تخص السنوات 1396-1415هـ، يعني أنه أخذ (557) ترجمة من كتابي دون أن يشير إلى ذلك!!
إحصائية موثقة:
أذكر هنا إحصائية دقيقة في ذلك. وأورد الأسماء أيضاً (فهي قليلة)، ولا أشير إلى الصفحات، فالتراجم مرتبة ألفبائيًّا:
أولاً: نثر الجواهر والدرر في علماء القرن الرابع عشر:
يحتوي على تراجم علماء القرن الرابع عشر من سنة1301هـ-1400هـ.
والذي يهمني من بينها هو السنوات 1396-1400هـ، التي تخص كتابي تتمة الأعلام. فقد أورد فيها (124) ترجمة من وفيات خمس السنوات المذكورة، بينها 76 ترجمة نقلها من تتمة الأعلام، ذكر فيها المصدر "تتمة الأعلام" (5) مرات فقط، وهم (أحمد بن عبد المجيد الساعاتي، أحمد بن محمد سعيد الإدلبي، علي عبد العظيم، محمد حسين الذهبي، محمد الشامي)
أما باقي المترجم لهم ممن لم أوردهم في التتمة، فهم على التفصيل التالي:
- التراجم التي أوردتها وأوردها هو كذلك، وكلانا اعتمد على المصادر نفسها، وقد أزيد، ويزيد هو، ولم ينقل من التتمة إلا ما أشيرُ إليه من أشياء جانبية، وعددها (15) ترجمة، على النحو التالي:
أحمد محمد الدقر، ثابت الحلواني، آخر اسمه حسن (فاتني تقييد اسمه الكامل) اعتمد على مصد آخر، وذكر مصادر التتمة معها، حسن حبنكة، الصادق الفقي، عبدالقادر العاني، عبد الماجد العاني، آخر لعل اسمه علي، فاطمة اليشرطية، محمد بهجة البيطار، محمد حسام الدين الدمشقي، محمد الصالح بن مراد، محمد الهادي العامري، محمد وفا القصاب، مصطفى الفرا.
- التراجم التي أوردتها وأوردها هو، واعتمد فيها مصادر أخرى غير التي اعتمدت عليها، ولم يأخذ من التتمة إلا ما أشير إليه، وعددها ( 13) ترجمة، وهم:
حسن بن عمير الشيرازي، خيرو ياسين، زين العابدين التونسي، سليمان الحمدان، عبد الله الجرافي، عبدالله بن علي العمودي، عبد الرزاق الحفار، عبد السلام التركي، عثمان الكعاك، محمد سعدي ياسين، محمد سعيد الحمزاوي، محمد يوسف البنوري (أورد نموذج خطه من التتمة)، نديم الجسر.
- التراجم التي أوردها هو ولم أوردها، من أسباب ذلك أنهم ليسوا "أعلاماً"، كما فاتني ذكر بعضها وأوردتها في المستدرك الثاني الذي لم يعتمد عليه المؤلف، وبعضها محفوظ عندي، وعددها (20 ترجمة) وهم:
أحمد محيي الدين حرب، وآخران فاتني ذكرهما لعل اسمهما أحمد، خالد عثمان المخلافي، سعيد السيد أبولحاف، عبدالحسيب عدي، عبدالحميد كريم، عبدالسلام بن سودة، عبدالعزيز عيون السود، عبدالكريم بن سودة، علي العطاس الشكيني، قاسم البحر، محمد الحافظ التجاني، محمد خليفة نده، محمد سليم اللنبي، محمد سليم رحمة الله العثماني، محمد الطالب بن سوده، محمد عبد الرحمن العراقي، محمد الهادي اليشرطي، مهدي العلوي.
وما عدا ذلك فقد أخذه كله من تتمة الأعلام، ولم يشر إليه سوى (5) مرات كما قلت!
ثانياً: عقد الجوهر في علماء الربع الأول من القرن الخامس العشر:
وفيه وفيات 1401-1422هـ، وهو تتمة للكتاب السابق، ويقع في (510 ص). أورد فيها (611) ترجمة، (44) من هذه التراجم لا علاقة للتتمة بهم، فهم إما أعلام توفوا بعد 1415 هـ، أو أنهم ماتوا بعد ذلك ولم بعرف المؤلف وفاتهم فتركهم هكذا، أو أنهم معاصرون (أحياء).
فالمقصود (567) ترجمة، بينها مما نقله من "تتمة الأعلام" (500) ترجمة، لم يشر من بينها إلى التتمة سوى (14) مرة، ذكر بينها عنوان "ذيل الأعلام" بدل "التتمة" (5) مرات، لكنه متبوع باسمي، فيعرف أنه المقصود، وهم: (إبراهيم محمد الزفنكي، أحمد أومري، أحمد التجاني عمر، أحمد الحسين العاكولي، أسعد سيد أحمد).
والذين وثقهم في الهامش بعنوان تتمة الأعلام: (عبد الواحد الخلجي، عز الدين أحمد الخزنوي، محمد أديب الكيلاني، محمد الأمين سيسي، محمد الأهدل، محمود شبكة، محمود عبدالدائم علي، محمود ناظم نسيمي،يوسف الكربوزي.
وهذه إحصائية موثقة بذلك في كتاب "عقد الجوهر":
- التراجم التي أوردتها وأوردها هو كذلك، وكلانا اعتمد على المصادر نفسها، وقد أزيد ويزيد هو، ولم ينقل فيها من التتمة، (وعددهم 36 ترجمة) على النحو التالي:
إبراهيم إسماعيل اليعقوبي، إبراهيم بن عمر بن عقيل، أحمد عبيد، أحمد القهوجي الرفاعي، أحمد محمد ناصيف، أنور محمد سليم سلطان، بشير الجلال، حبيب الرحمن الأعظمي، حبيب الحلاق، حسين خطاب، رشدي عرفة، رمزي البزم، رمضان البوطي، شوكت الجبالي، عبدالرحيم الشاطر، عبدالقادر حتاوي، عبدالقادر بركة، عبداللطيف الأحمر، عبدالهادي قدور الصباغ، علي سليق، علي محمود بن الخوجة، عمر بدران، فوزي النابلسي، محمد بدر الدين الغلاييني، محمد دهمان، محمد بشير الشلاح، محمد رشيد الخطيب، محمد رفيق السباعي، محمد سهيل الخطيب، محمد شمس الدين المولوي، محمد عبدالقادر المبارك، محمد علي الجمال، محمد فخر الدين الحسني، محمد لطفي الفيومي، ناظم الكزبري، نور الدين الحمدوني.
- التراجم التي أوردتها وأوردها هو، واعتمد على مصادر أخرى غير التي اعتمدت عليها، ولم يأخذ من "تتمة الأعلام" سوى ما أشير إليه (وعددها 19 ترجمة) وهم:
أحمد عساف، إسماعيل الزين، حسن دمشقية، خديجة الخاني، زكريا ميلاد، سعيد الأحمر، شكري فيصل (ذكر أنه من بين ما اعتمده مذكرات المؤلفين، وهذا يشبه أسلوب صاحبي إتمام الأعلام)، صبحي الصالح، عبد الله محمد الغماري (اعتمد في ترجمته على مصادر أخرى، لكنه أخذ عناوين مؤلفاته كلها من تتمة الأعلام)، محمد صالح الخطيب، محمد صالح الفرفور، محمد عبدالله الخطيب، محمد أبو الفرج الخطيب، محمد أبو اليسر عابدين، محمد بدرالدين عابدين، محمد مختارالدين الفلمباني، محمد وحيد جباوي، محمود الرنكوسي، مصطفى جويجاتي.
- التراجم التي أوردَها ولم أوردْها، وهي التي تقع بين وفيات 1401-1415هـ، ولم أذكرها لأسباب: إما لأني وجدتها ولم أوردها لأنها ليست أعلاماً، أو لأني ذكرتها في المستدرك الثاني الذي لم يعتمد عليه المؤلف، أو لأنها عندي مخطوطة في مستدرك آخر، أو أنه فاتني ذكرها وهي قليلة جداً، (وعددها جميعاً 14 ترجمة) وهي:
أحمد ملحم، أديب جمعة زبادنة، حسن محمد تميم، زكي الموصلي، عبدالله قزيها، عبدالحميد حباب، عبدالرحمن أحمد التلمساني، قاسم الشماعي، محمد بن علي الشرفي، محمد بن الحاج محمد مسلم الغنيمي، محمد يحيى الأهدل، مختار العلايلي، هاشم العيطة.
- أما الذين توفوا بعد 1415هـ هم ممن لا يدخلون في أعلام "التتمة" فعددهم 25 ترجمة
وأما الذين لم يؤرخ وفاتهم، إما لأنهم أحياء، أو لأن المؤلف لم يعرف تاريخ وفاتهم، فعددهم 19ترجمة.
وإذا عرفت - بعد هذا - أن الذين ذكرهم المؤلف في "عقد الجوهر" (611 ترجمة) فيها (500) ترجمة من "تتمة الأعلام"، فاقرأ ما قاله المؤلف في مقدمة كتابه هذا، وأنه بعد فراغه من "تأليف" كتابه "نثر الجواهر" واستخارته في جمع ذيل له يذكر فيه علماء الربع الأول من القرن الخامس عشر الهجري، قال: "وكثير منهم ممن عاصرتهم وتتلمذت عليهم، وذلك رعاية لحقهم وبرًّا بهم، فهم أنسابي في الدين، وصلتي إلى سيد المرسلين". وذكرت يا أخي المؤلف أنك سعيت جهدك "القاصر في جمع ما أستطيع من تراجم ... وذلك بحسب ما تسعفني المصادر ...".
فما رأي القارئ فيما قاله المؤلف؟
بل أخاطب المؤلف نفسه وأقول: أًبحثتَ حقاً عن مصادر يا أخي الكريم حتى تسعفك لتورد غير الذي أوردته، أم أنك اقتصرتَ على جهود من جمعها واكتفيتَ بما سهل عليك وتيسَّر؟
لقد تيسَّر لي بحمد الله وتوفيقه مئات التراجم الجديدة لأفذاذ من العلماء وآخرين مغمورين ممن فاتني ذكرهم سابقاً أو استجدَّت وفاتهم من بعد، ضمن أكثر من أربعة آلاف ترجمة من الأعلام والمؤلفين والنساء، أدعو الله تعالى أن ييسر نشرها لتستفيد منها مرة أخرى، ولكن بالأمانة يا ابن الإسلام، يا ابن دين العلم ودين الأمانة.
في حين لم أستفد من كتابيك كليهما، اللذين زادا على الألفي صفحة، سوى ترجمة واحدة، وسنوات الوفاة لعالمين، وهم: حسن محمد تميم [هكذا أورده، والصحيح في اسم والده محمود، كما في المصدر الذي نقل منه]، ومحمد الهادي اليشرطي، وقاسم الشماعي. ومصدر ترجمة الأولين متوفر.
إشارات إلى أسلوب الأخذ من تتمة الأعلام في المتن والهامش:
لا مزيد على ما ذكرت، ومن أراد التوثق مما قلت فأمامه الكتابان في المكتبات، ليقارن ويحكم، ولكن يبدو أنه لا بد من الكلام، فلعله يلفت النظر إلى ذلك أكثر، وفيه يظهر اللوم والعتب على المؤلف الكريم أكثر، باختيار ما أورده من أمثلة ، وهي قصيرة وقليلة، لكن يستوحى منها التبكيت:
- قلت في ترجمة أحمد الحسين العاكولي إنني رأيته وصليت خلفه مذ كنت طالباً في ثانوية عربستان بالقامشلي .. إلخ.. فأورده كما هو! وأشار في المصدر إلى "ذيل الأعلام" يعني التتمة. ولا تورد التراجم المنقولة كذلك.
- وفي ترجمة بكري بن عبده الحلبي قلت في الهامش: أمدني بالترجمة فلان، فقال هو كذلك، ولم يذكر التتمة.
- وقلت في ترجمة حامد بن علوي الحداد: زودنا بها الشيخ محمد الرشيد، وذكر هو أيضاً كذلك في هامش الترجمة، ولم يشر إلى التتمة، ومن المؤكد أنه لم يزوده بها.
ومثلها في ترجمة محمد عبدالقادر الحكيم...
- مفتي لبنان "حسن خالد" رحمه الله، نقل ترجمته بحروفها من التتمة، ولم يشر إلى المصدر كالعادة، وكان بإمكانه أن يحصِّل ترجمته هناك بسهولة، ولكنها السهولة، والراحة، اللتان تتطلبان هذا الفعل.
- وقلت في هامش ترجمة عبد الله عبد الغني خياط، بعد إيراد عدة مصادر: (انظر مصادر أخرى في المستدرك) فأثبته كما هو.. ولا مستدرك لديه.
- قلت في ترجمة عبد السلام هارون إنني اطلعت على كتبه التي اشترتها مكتبة الملك فهد، وتقدمت بطلب إلى إدارة المكتبة لتقييد حواشيه... وقال هو كذلك! ولم يشر إلى المصدر.
- وفي ترجمة الأستاذ عبد العزيز الرفاعي قلت إنه سألني قبل وفاته بأيام عن كذا.. فأورده كما هو... ولم يشر إلى التتمة في الهامش، ومثل هذا الكلام غير موجود في تلك المصادر التي أوردها، بل هو كلام من عندي...
- وقلت في ترجمة كامل البابا إنه غَيْرُ سَمِيِّه وزير الكهرباء السوري، فكتب ذلك هو أيضاً، ولم يشر...
- وعملت لمحمد أبي الفضل إبراهيم ترجمتين: في الأصل ثم المستدرك، وكتبت في الهامش الآخر: وهي الترجمة البديلة عن السابقة، فكتب هو كذلك في هامش ترجمته، ولا ترجمة سابقة له عنده!
- وفي ترجمة نعمت صدقي كتبت في هامش ترجمتها: رأيت في مقدمة كتابها "بديع صنع الله ما يفيد وفاتها... إلخ". وذكر هو ما ذكرته دون ذكر التتمة.
- وذكرت المصدر في هامش ترجمة محمد يوسف سبتي وقلت إثره: ورد مرة سبتي وأخرى سيتي، والترجمة غير واضحة تماماً، وكتب هو كذلك في هامش الترجمة، ولم يذكر التتمة مصدراً.
***
ودأبه في نقل التراجم من التتمة أن ينقلها كما هي تماماً، وحتى المؤلفات التي أوردها إذا ذكرتها كاملة البيانات أوردها كاملة، وإذا اقتصرت على العنوان اقتصر فيها على العنوان..
وورد في أكثر من هامش عنده (وانظر المستدرك) نقلاً من هوامش التتمة، وهو لا مستدرك عنده كما قلت، وكما تأتي أمثلة على ذلك.
الوثائق وما إليها:
- أوردت خريطة إيران مبيناً فيها مناطق أهل السنة في ترجمة محمد بن محمد صالح ضيائي، وأوردها هو كذلك مع الترجمة، ولم يشر إلى المصدر كالعادة.
- وأوردت نموذجاً من خط وتوقيع الشهيد عبد الله عزام، حصلت عليه من قبل أستاذ من دير الزور يسكن الطائف، وأثبته هو كذلك دون الإشادة إلى المصدر.
- وأوردت ثلاثة نماذج من خطوط محمد الطاهر الكردي وأورد هو الثلاثة...
- كما أوردت نموذجا من خط أحمد محمد جمال، وقلت إنه من خلال رسالة بعث بها إلى المؤلف، وكتب هو أيضاً تحت النموذج كذلك، ولم يشر إلى التتمة، ويعني هذا أن الكلام له! وذكر له 19 مصدراً لترجمته، هي التي أوردتها في التتمة!
ملاحظات أخرى فيها تذكير وفائدة:
- مصطفى مجاهد العشري نقلت ترجمته من جريدة الأخبار المصرية، وتركت سنة وفاته مجهولة بتقدير أنها بعد 1400هـ، وكتبها هو 1401هـ مع نقل كل المعلومات من التتمة، ولا أظن أن له علماً بذلك.
- ولم يورد ترجمة محمد جلال كشك، وكانت الساحة الإعلامية تشهد مناقشاته ومحاوراته الإسلامية ضد العلمانيين بكثافة... في حين أورد تراجم آخرين عليهم ملاحظات من انحراف فكري وما إليه، مثل محمد عبدالله عنان... وأورد أسماء آخرين ليسوا علماء مثل إبراهيم فودة (أديب)، وإبراهيم الرفاعي (الخطاط)، وأمثال هؤلاء مما لم أتابعه وليس داخلاً في موضوع هذا التعقيب.
- أخطأتُ فقلت إن محمد تقي الدين الهلالي من أصل سوري، فكتب كما قلت، ولم يذكر المصدر "التتمة" والمصادر المذكورة لترجمته لم ترد فيها هذه المعلومة.
- أورد ترجمة محمد حسين العفيفي على أنه صحفي إسلامي، صاحب مشروع التفسير النبوي للقرآن الكريم، وظن أنه مكرر مع "محمد العفيفي". لكن الاسم الثلاثي يخص شخصية صحفية أخرى، فهو كاتب ساخر... ينظر التتمة 2/200، 3/87.
- وخلطت في ترجمة أحمد الشرباصي بين "العالم" وآخر بالاسم نفسه "مهندس"، وصححت ذلك في المستدرك استفادة من أحد الإخوة المتابعين في مصر، فأورده الأستاذ المرعشلي بخطئه، والمشكلة أنه لم يشر إلى المصدر "تتمة الأعلام" فإن الخطأ فيه وليس في المصادر التي ذكرتها، ولو ذكر المصدر لبرئت ذمته من الخطأ!!
أعلمت الآن أيها الأخ الكريم أحد فوائد ذكر المصادر؟
- ومحمد بن إبراهيم الحقيل، أوردت ترجمته خطأ على أنه توفي فأورده كذلك في ص1803 وقد حذفته من الطبعة الجديدة، ولم يحذفه هو، على الرغم من ظهور كتابه بعد صدور الطبعة الجديدة بخمس سنوات!
- عبد الكريم المدرس، قلت في المستدرك الثاني أيضاً إنه مازال حياً إلى سنة (1418هـ)... فأورده كالسابق.
- في ترجمة عبد الله بن محمد السعد ص 1885 أورد مؤلفات لا تخصه، فليس له تأليف واحد، وما أورده كله يخص عبد الله بن سعيد الحضرمي اللحجي، ت 1410هـ، الذي أوردت ترجمته في التتمة أيضاً. ولم أتابع أخطاء له كهذه كما قلت، بل هو ما جاء عفواً وعلق بالبصر، وأوردته فائدة للقارئ، وتذكرة للجامع.
المصادر.. وملاحظات:
لم يذكر في آخر كتابه مصادر ومراجع الكتاب كما يفعله أهل التراجم، وسبب ذلك عنده، لكنه ذكر "بعضها" في المقدمة، والله أعلم إذا كان قد اعتمد على كثير مما ذكر، حيث تبين لي أنه لم يورد من مصادرَ اعتمدتها سِوى ما نقلتُ منها من تراجم!! مع أن وفيات كتابه غير وفيات التتمة، فكان بإمكانه أن ينقل منها الكثير من وفيات ما قبل 1396 هـ. كما أن بينهم من لم أوردهم لأنهم ليسوا أعلاماً، وإن كانوا في طبقة العلماء الذين اعتبرهم هو كذلك، فاقتصر هو على ما اقتصرت عليه وأورده بتلخيصي وزياداتي وهوامشي... فأين الصدق فيما قال؟؟
وربما يظن القارئ العادي الذي لا يهمه أمر التوثيق والمصدر، أن المراجع التي ذكرها في آخر كل ترجمة هي التي اعتمد عليها هو، وليس الأمر كذلك، فإنه يورد الترجمة بمصادرها هكذا "صبّاً من التتمة" ولا يذكر أنه أخذ المتن والهامش كله منه في (557) ترجمة!!
وهذه تعليقات لطيفة تبين الأمر، لعل المؤلف الكريم يتذكرها ويلوم نفسه لأجلها:
- كتاب "بلاد شنقيط: المنارة والرباط" أثبتُّ منه جلَّ أو كلَّ تراجم علماء موريتانيا، لكن الأستاذ المرعشلي أخذها كلها من التتمة ولم يشر إليها مرة واحدة، وفي ذلك الكتاب وفيات أخرى لما قبل 1396هـ، ولكنه لم يأخذ منه شيئاً غير ما أخذت، وهذا يعني أنه لم يرَ ذلك المصدر، ولو رآه لأخذ منه الوفيات الأخرى، ويقال هذا لما عداه من المصادر التي اكتفى منها بالسنوات التي تخص وفيات التتمة.
- وهناك كتب ودوريات عديدة لم تلمسها يده ولم ترها عينه، أوردها في هوامش التراجم ولم يشر إلى صنعته هذه.
- واعتمدتُ على كتاب لم يطبع منه سوى بضع عشرة نسخة، لا أذكره هنا رعاية لاسم مؤلفه الذي لا يريد أن يشهر كتابه ولا أن يعرف أنه قام بتأليفه، وقد ذكره صاحب "عقد الجوهر" في كل مرة وكأنه هو الذي حصَّله واعتمد عليه لا صاحب التتمة!
- ومن المصادر التي أثبتها للزعيم الإسلامي السني أحمد مفتي زاده من إيران مجلة "كردستان المجاهدة"، التي لا يقدر أن يقول إنه سمع بها أصلاً فضلاً عن النقل منها!
- وراجعتُ أعداد مجلة "المجتمع" الإسلامية الأسبوعية لعشرين عاماً (1396-1415هـ) قلبت صفحاتها كلها بحثاً عن تراجم الدعاة والعلماء فيها، بفضل الله وحوله وقوته، وأثبتَ هو هذا المصدر في كل التراجم التي نقلتها منها، ولم يشر مرة واحدة إلى أنه نقلها من التتمة، ولا أذكر أنه أورد ترجمة واحدة من عنده من هذا المصدر، فلا يكون قد قلب صفحات عدد أو أعداد منها!!
- ومثلها مجلة "المسلمون" التي كنت أحتفظ بأعداد كثيرة نادرة منها، أوردت منها تراجم ثم أهديتها إلى مكتبة الملك فهد الوطنية، وقد أورد الأستاذ المرعشلي التراجم التي أوردتها. ويقال فيها وفي غيرها ما قيل في مجلة المجتمع.
- واعتمدت على أعداد من صحيفة "الحرية" التي كانت تصلني من قبل أخ من تونس يجلبها من السفارة التونسية. وهو كان يثبتها على أنه هو الذي اعتمد عليها، ولا يذكر التتمة...
ومن المصادر الشخصية:
- ترجمة شيخي علوان رحمه الله، الذي كتبت له أوسع ترجمة في التتمة تقريباً، فحذف ما حذف، وكتب أن الترجمة بقلم شقيقه خاشع، في حين أورد من كلامي أيضاً ولم يشر إلى التتمة، ولن يجد له ترجمة في سواها.
- وقلت في ترجمة عبدالقادر عيسى: أفادني بها الدكتور (الطبيب) ناصر بشعان البدراني، فكتب كما كتبت. وقد التقيت به في الطائف فأفادني بمجموعة من التراجم، ولم يشر إلى المصدر كالعادة. وقلت في هامش هذه الترجمة: انظر المستدرك، فأورده كذلك!
- عبدالقادر المطلق الرحباوي لم أذكر له مصدراً، فأورده أيضاً بلا مصدر، ولم يشر إلى التتمة.
- ومثله ترجمة محمد محمود فرغلي....
- وترجمة يوسف إبراهيم النور زودني بها -كما كتبت في هامش ترجمته – صديقي في العمل عبدالسيد عثمان، فكتب هو كذلك دون ذكر التتمة.
- ومثله محمد أحمد الحاج ...
- وفقيه شافعي هو عبدالوهاب حسن علي، استفدت ترجمته من ولده حسن، من مدينة القامشلي، فذكر هو في الهامش أن الترجمة من إفادة ابنه حسن ولم يذكر المصدر (التتمة).
- وقلت في ترجمة أحمد محمد رمضان (عالم من تركيا استوطن الحسكة): أفادني بالمعلومات السابقة رمضان سليمان من الحسكة [هو زميل لي في الدراسة]، أثبت هو كذلك في الهامش، ومن المؤكد أنه لم يفده بذلك، ولا أظنه رآه أو سمع به.
- في هامش ترجمة حسن خالد الدباس، ذكرت أن الترجمة بقلم محمدنور ونشوقاني، فحذف الاسم الأول وأبقى الآخر، وفعل هذا أكثر من مرة!! ولا أعرف تفسيراً له.
- عبدالمجيد السيد قطامش لم أورد له مصدراً، فنقل ولم يورد، وقد أفادني ببعض المعلومات عنه الأستاذ علي البواب، وأكملت الباقي من عندي.
- وفي ترجمة الغزالي خليل عيد لم أورد مصدراً لترجمته لأنه كان أستاذي، درَّسني في مرحلة الماجستير، فعملت له ترجمة بما أعرفه عنه ولا مصدر، فنقله هو ولم يشر.. كدأبه...
- رشيد بن محمد نوري الديرشوي شيخ صوفي من جزيرتنا، طلبت ترجمته، فأرسل إلي بكتاب كبير مخطوط استنتجت منه تلك الترجمة، فذكر الكتاب ولم يذكر التتمة، وقد وردت فيها أخطاء أنا المسؤول عنها، لا ذلك المصدر، وعندما يذكر هو المصدر وحده مع اختصاري دون ذكر التتمة فكأن الخطأ من المصدر نفسه.
- وفي ترجمة مجذوب الحجاز قلت إن ترجمته من جريدة لعلها سودانية، فكتب هو إنها جريدة سودانية، وقلت هذا للأمانة العلمية، حيث أعطانيها أحد الإخوة من السودان دون توثيقها.
- وأثبت تحت كل ترجمة أعدها للتتمة الأستاذ عمر نشوقاتي للأمانة العلمية، وإثباتاً لجهده في ذلك، ولم يطلب هو مني ذلك قط، ولكنها الأمانة والاعتراف بالجهد والفضل، وقد أثبت هو كذلك اسم الأستاذ عمر ولم يذكر التتمة، وهو موجود، فلماذا لم يزوده أو لم يطلب منه أن يزوده بتراجم أخرى لنفسه...؟؟؟
- ويبدو أنه وضع في كتابه هذا كتباً: مثل "تشنيف الأسماع"، وربما "علماؤنا في بيروت"، و"تاريخ علماء دمشق" (أو كمًّا كبيراً منه) لكنه كان يشير إليه باستمرار، على هيئة ما يشير إلى مصادر المصدر الذي ينقل منه!
ــــــــــــــــ
بعد هذا البيان والأمثلة القليلة التي تثبت في الذاكرة شيئاً، أذكرك - يا أخي المؤلف- بما قلته في مقدمة "نثر الجواهر"، الذي يعتبر مقدمة لـ"عقد الجوهر" أيضاً: "لقد رجعت لعدد كبير من المصادر لإعداد هذا الكتاب، كما اجتمعت ببعض أصحاب التراجم واستمعت منهم إلى تراجمهم...".
ثم ذكرت المصادر العامة التي اعتمدت عليها، كالأعلام للزركلي، وقلت إثره: وقد صدرت له تتمة جمعها محمد خير رمضان بن يوسف [الصحيح محمد خير بن رمضان يوسف كما في آخر الكتاب] من الفترة [1397- 1415هـ]. ولا يفهم من هذا التعبير أنه من مصادرك. وذكرت كتباً أخرى.
ثم ذكرت المصادر المتخصصة، وهي كثيرة، منها أعلام القصيم، ورجال من القصيم، وعلماء من الرس، ومن أدباء الطائف المعاصرين، والفهرست المفيد في تراجم أعلام الخليج، ولمحات عن الإسلام في نيجيريا...
وذكرت من كتب المؤلفين "تكملة معجم المؤلفين" الذي ألفه صاحب التتمة نفسه، لكني لم أرك أشرتَ إليه في هوامشك ألبتة!! وقد يزيغ البصر عما هو قليل.
وذكرت أنك حاولت قدر الإمكان استيفاء جميع ما يتعلق بحياة المترجم- حسب ما تسعفك به المصادر- وأنها لذلك قد تتفاوت طولاً وقصراً وتوسطاً واختصاراً، وأنك تضيف إليها من سائر المصادر ... لكن لم أعرف هذا في منهجك كما قلت، بل تأخذ الترجمة كاملة مما قرب منك أو من المصدر الأوسع، ولم تضف إلى مئات التراجم التي أخذتها من "تتمة الأعلام" شيئاً إلا ما لا يذكر لقلَّته، مع أن الكتب التي نقلتها منها فيها ما هو أطول، وذكرت في مقدمتك أنها من مصادرك. فهل شعرت بالخلل الذي توجهت به إلى القارئ في كلامك؟؟.
وقلتَ: حاولت الحصول على المصادر المتخصصة بتراجم كل بلد، وأنك سعيت جهدك ألا تغفل منه شيئاً. وكلامك هذا كما ترى يا أخي الكريم، ولم تكن مكرهاً على قوله، فإن هذه الكتب موجودة، وفي المعارض تحصِّل أكثر، والقارئ المسلم يحب الصدق والتواضع.
ومن المؤكد أنك لم تعتمد على المصادر كلها، بدليل أنك لم تورد الوفيات التي لا تخص التتمة منها، وفيها وفيات علماء كثر كما قلت أكثر من مرة.
ولنذكر كتاب "الفهرست المفيد في تراجم أعلام الخليج" الذي زعمتَ في المقدمة (ص 29) أنه من مصادرك، وأنا متيقن أنك لم تنقل منه ترجمة واحدة، وإذا قلتُ إنك لم تره أيضاً لم أبتعد عن الحق، فإن مؤلفَ المصدر المذكور شيعي، ومعظم التراجم التي أوردها فيه من الشيعة، وأنت لا تذكر مصادر الشيعة ولا تورد تراجمهم. ومع ذلك أحببتُ التأكد مما إذا كنتَ نقلتَ منه تراجم لعلماء السنة من غير وفيات التتمة، فلم تورد ترجمة أحمد بن محمد الفارس (ت 1354 هـ) ولا ترجمة أحمد بن محمد القطان (ت 1327 هـ) ولا ترجمة ثاني بن منصور الراشد (ت 1395 هـ) ... الخ. فالمصدر المذكور هو من المصادر الحقيقية لكتابي تتمة الأعلام وليس كتابك، وهو مثل مصادر أخرى ذكرتَ أنك اعتمدتَ عليها ولم تصدق.
فهل أنت صادق مع الله، ومع نفسك، ومع القارئ، يا أستاذ يوسف، إذا قلت في المقدمة إنك اعتمدت على كذا وكذا من المصادر ولم ترها ولم تعتمد عليها! وإذا حاسبك الله تعالى على ذلك هل تعلم كثرة ما ستحاسب عليه، يعني من حيث إنك قلت كذا ولم تفعله في التراجم كلها؟
ولذلك، فإن ما أنصحك به يا أخي في الإسلام، أن تذكر في الطبعة الثانية من الكتاب تبرؤك مما قلته سابقاً، وأن تشير إلى المصدر الذي تنقل منه مباشرة، وتقول في الهامش: ومصادره هي كذا وكذا، أو لا تذكر مصادره، فإن المصدر الذي تنقل منه هو المسؤول عما أوردوه ... من أجل الدين أولاً، فإن ديننا يأمر بالأمانة، وإن الإسناد من الدين، والتوثيق -يعني إسناد المعلومة إلى أهلها أو مصدرها- من الأمانة والورع، وإسناد الفضل إلى أهله من الأمانة. ثم من أجْلك يا أخي الكريم، فإنه أحرى بمن اتصف بسمة العلم في الإسلام ولبس لباس أهله، وليس هذا بعار عليك ألبتة، بل هو دالٌّ على نبلك وفضلك إن فعلت.
إذا أفـادكَ إنسانٌ بفـائدةٍ من العلومِ فأدمنْ شكرَهُ أبـدا
وقل: فلانٌ جزاهُ الله صالحةً أفادنيها، وألقِ الكِبرَ والحسدا
وما زلت أظن أن هناك خطأ حصل في الكتاب، وربما خرج إلى الطبع ولم تعلم بذلك، ولو علمت أو تذكرت لأمرت بذكر المصدر كما فعلت بغيره.. والله أعلم.
موجز الكلام وختام الملام:
أذكِّرُ القارئ الكريم والمؤلف الفاضل مرة أخرى أن ما أخذه من "تتمة الأعلام" من تراجم العلماء هو (576) ترجمة بمتونها وهوامشها، ولم يشر فيها جميعها إلى المصدر "تتمة الأعلام" سوى (19) مرة فقط. وإذا كان المرء قلَّ ألاّ يخطئ، فليكن ما أخذه (560) ترجمة، على أن الخطأ وارد في النقص أيضاً.
وإذا علمنا أنه أورد في " عقد الجوهر" (611) ترجمة، فإنه يكون متوسط كل ترجمة (83) بالمئة من الصفحة، فيكون ما أخذه من التتمة دون الإشارة إليها (462) صفحة تقريباً بصفحات كتابه هو! لكنه كان يتوسع في ترجمة شيوخه بما لا لزوم له، فتكون الصفحات على كل حال أكثر من (400) صفحة.
والعتب على أخي الكريم الأستاذ يوسف أنه:
- عندما ينقل الترجمة من كتاب ينقلها بمصادرها مع ذكر عنوان الكتاب الذي نقل منه في آخر هوامشه، وهذا ما رأيته في التراجم التي نقلها من "الأعلام للزركلي" و "تاريخ علماء دمشق" وربما غيرهما، فلماذا إذاً لم يفعل ذلك مع تتمة الأعلام؟
ولو أنه أشار إلى التتمة كما أشار إلى غيره لما كان هذا التعقيب، ولو أنه غير مقبول على هذه الصورة أيضاً، للسبب الآتي في الفقرة التالية.
- الأسلوب الذي اتبعته في وضع المصدر في آخر الهامش فيه تمويه وتدليس، فلا يعرف القارئ العادي من أين نقلت الترجمة حرفياً واعتمدت فيها على جهد المؤلف بالكامل، فالأمانة تقتضي أن تذكر المصدر الحقيقي هكذا: (الأعلام للزركلي، ومصادره في الترجمة هي...) أو أن تذكر المصادر في الهامش وتقول في آخرها: (نقلاً من الأعلام للزركلي) أو أية عبارة توضح هذا الأمر. بخلاف ما لو تصرَّفت في الترجمة تهذيباً وحذفاًَ وزيادة وتعبيرًا من عندك كيفما شئت، فإذا استعنت بمصادر أخرى ذكرتها، وإذا نقلتها من مصدر أو مصادر أخرى ذكرت ذلك أيضاً، ولو أشرت إلى عملك هذا في المقدمة لبرّأت ذمتك..
- لعلك لجأت إلى كتابي "تتمة الأعلام" دون الكتابين الآخرين "ذيل الأعلام" و "إتمام الأعلام" لما تميَّز به من كثرة تراجم العلماء وإسهاب في سيرتهم، فإنني أشكر لك هذا، فقد ساعدت في نشر ما علَّمنيه الله تعالى، ولكن لومي لك أدبي تربوي...
فقد فعل صاحبا "إتمام الأعلام" مثلما فعلت، ولكنهما كانا يذكران المصدر في آخر الهوامش وأحياناً لا يذكرانه.
وكذا فعل صاحب "موسوعة أعلام القرن الرابع عشر والخامس عشر الهجري في العالم العربي والإسلامي" الذي أصدر منه حرف الألف فقط، في ثلاثة مجلدات، وفعل كما فعلت، لكنه "لعب" بالمصادر و"خنقها" أحياناً ربما لئلاّ يعرف، لكن الأمر كان واضحاً لدي بما لا يلزم الشك، وقد توقف عن إتمام كتابه لأنه أدرك أن في الأمر "ملاحقة" و "حقوقاً" وغير ذلك...كما سمعته منه، دون أن أصرِّح له بالأمر.
وكذا صاحب "معجم الشعراء من العصر الجاهلي حتى سنة 2002 م" الذي صدر في ستة مجلدات كبار، وقد بدا لي أنه فعل كما فعلت تماماً -ولم أتابعه في هذا متابعة دقيقة مثل كتابك- فهو يورد الترجمة بمصادرها... ويضع عنوان المصدر الذي أخذ منه في آخر المصادر... ولكنه كان أميناً في ذلك، فأخذ من كتابي جلَّ الشعراء، أو قسماً كبيراً منهم -لم أقم بعمل إحصائية في ذلك- مع ذكر "التتمة" في آخر المصادر التي أوردها...
والعتب الذي جاء إليك دون السابقين، ودون غيرهما ممن تعدَّى على كتب لي لم أذكرها هنا، هو كثرة ما استوليت عليه دون ذكر مصدرها، ولأنك تميَّزت بالعلم، فإن لم تكن عالماً فمن طلابه ومتابعيه، وتلامذة أصحابه، وممن تعلم الناس وتبين لهم الحق والباطل، والصواب والخطأ، والاستقامة في القول والعمل، ولك أياد بيضاء في التأليف والدراسة، واستفاد الناس منها، وأنا واحد منهم، أعني الفهارس الحديثية، ثم كتابك الجليل "معجم المعاجم والمشيخات والفهارس..." الذي أبدعتَ فيه وقدمتَ ما يفيد، جزاك الله خيراً. أما كيف خفي عليك هذا، وكيف أصدرت كتاب (نثر الجواهر) وذيله بهذا الأسلوب، فما لا أقدر على تفسيره، ولا أعرف سببه، وإذا كان لك عذر لا أعرفه، فعذري أيضاً أنني أكتب من واقع، وأحكم على ما أرى، وكان عليك أن تتصرف بما يجلي خطأك بعد صدور الكتاب...
- وأقول من هذا المنطلق: ألا ينبغي لأصحاب الأقلام من أهل العلم والإصلاح أن يكونوا قدوة لغيرهم، علماً وورعاً وأمانة، وأن يكونوا بعيدين عن الشبهات وما يثلم مروءتهم...؟؟ أما ترى عيوب الدعاة والعلماء صارت بيِّنة حتى تنكس الرؤوس منها أحياناً؟!
- يبقى التذكير بالطبعة الثانية من الكتاب، الذي أرجو إذا تكرمت بإصداره مرة أخرى، أن تشير إلى الخطأ الذي حدث من قبلك، وتصححه كما ذكرتُ من قبل، والله يوفقنا ويوفقك، ويهدينا إلى الحق ويرزقنا اتباعه، وبانتظار المزيد من كتبك النافعة إن شاء الله.
- وأخيراً، لا أدري هل أغبطك على كثرة ما أُجزتَ به من شيوخ أفاضلأم لا؟ ولعلي لو علمت أن ذلك يؤدي إلى مزيد من التقوى لفعلت، وليس لي سوى شيخ واحد مات، وكان حليماً خاشعاً تقيّاً، أجازني بإجازة عامة فرفضتها، وقلت له إنني لا أستحقها، فأبى إلا أن يجيزني وأنا كاره، وتلقّفها خطاط كان حاضراً في المجلس، ليكتبها بخطه البديع، ولما انتهى منها وجدته سها عن كلمات وجمل، مع أخطاء إملائية وما إليها، فلم أتابعه عليها، ولم أرها منذ ثلاثين سنة، وأظنها ضاعت. وكانت سلسلة السند فيها نادرة رائعة، فيها نجم الأتقياء الإمام النووي رحمه الله، يصل بسنده فيها إلى أمير المؤمنين علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ولو لم تظنَّ أنني أعرِّضُ بك لقلتُ في إجازات هذا العصر وما قبله بقرون ما قلت، والمجازون يعرفون ذلك، وكأنهم لا يرجون من ورائها سوى "البركة"، وحتى هذه قد يكون وراءها إشارات استفهام. والله أعلم.
- ولعله لم يعد يخفى عليك أنني سأضع هذا الردَّ في أول أو آخر كتابي "تتمة الأعلام" في طبعة قادمة قريبة إن شاء الله.
- ثم ... أرجو أن أكون قد استعملت معك أدب العلماء في النقد والتوجيه يا أخي المؤلف، ولم أدرج فيه مصطلحات تستعمل عادة في مثل هذه الردود.
وقد كلفني هذا الردُّ أياماً، كان بالإمكان الاستفادة منها في غير هذا، فيما ينفع به المرء نفسه أو مجتمعه. غفر الله لي ولك. وسلام عليك.
محمدخير رمضان يوسف
صفر1428 هـ