لم يعد الناشرون يرغبون في نشر المسارد (الببليوجرافيات)، وحجتهم في ذلك أن عصرها انتهى؛ لأنه بإمكان أي شخص أن يحصل على عنوان الكتاب الذي يريده من الشابكة.
وليس الأمر كما قالوا، فلا يتعلق الأمر بعنوان الكتاب وحده، وليس عناوين كل الكتب منشورة في الشابكة.
وإذا حصل المرء على عنوان كتاب بعينه، فكيف يجمع ما كُتب منها في موضوع معين؟
لنفرض أن البحث جرى في الحديث الضعيف، أو أحاديث الأحكام، أو الجرح والتعديل، أو التفسير، أو الإعراب، أو التاريخ الحديث.....
كم سيكون عدد العناوين والمعلومات التي تبرز له على شاشة الحاسوب؟ وكيف يستطيع التحكم في البحث عنها؟ وما هي الكلمات البارزة والمحتملة التي يمكن أن يسترجع بها هذه الموضوعات؟ وكم سيطرح منها؟ وكم يكون المكرر، والخطأ، والناقص... الخ.
فموضوع الجرح والتعديل مثلاً يمكن أن لا ترد هاتان الكلمتان في العنوان أصلاً، وهو يدل على معنيين: علم الجرح، وتراجم الرواة، يعني ما قيل فيهم من جرح وتعديل.
فيمكن أن يكون الكتاب اسم راو، أو طبقة، أو شيوخ...
وإذا طلبنا أكبر من هذا المجهود، وهو الإنتاج الفكري، من الكتب والبحوث العلمية في اللغة العربية مثلاً، في العقد الأخير الذي نعيشه، فكيف يجمعها الباحث عنها؟
إذا بحث بسنة النشر وربطها بـ (اللغة العربية) فسيحصل على مجموعة عناوين عامة، أما بقية موضوعات اللغة فكيف سيبحث عنها؟ وكم يأخذ ذلك من الجهد؟
ثم.. هل يبحث كل شخص عما يريد، فتتعدد الجهود وتُهدر الأوقات، أم الأفضل أن يقوم أشخاص بمتابعة الإنتاج الفكري وتبويبها وتصنيفها وفهرستها ونشرها، ليستفيد منها الباحثون عامة؟
وإذا قيل إنه يمكن لمثل هذه الأعمال أن تنشر في الشابكة دون الوسائل الورقية.. فإن هذا يقال لكل كتاب وكل موضوع، والمسارد لا تقلُّ أهمية عنها، ولا يعرف قيمتها إلا الباحثون، والمفكرون، والمؤلفون، وطلبة الدراسات الجامعية والعليا في بحوثهم ورسائلهم العلمية، حيث يطلب منهم أن يبينوا ما كتب في موضوعهم أولاً..
وهذا جانب من بيان أهمية المسارد، قد يكفي لإزالة الإشكال عن الموضوع.
وإذا رغبت عنه دور النشر، فإن على المراكز والمؤسسات والنوادي العلمية ألاّ تهمله.