قناة الأعلام والوفيات

نقلت وكالات الأنباء خبراً فريداً تستعدُّ له ألمانيا، وهو بثُ قناة فضائية خاصة بكبار السن (من 50 سنة فما بعد) متخصصة في إذاعة أخبار الوفيات والجنازات، بدءاً من ترتيبات الدفن حتى المقبرة، مروراً بتفاصيل الجنازة، وقد أطلق عليها اسم "ايتوس تي في" ذكر هذا في رجب من سنة 1428 هـ.

وأعتبر هذا إبداعاً في تنوع الإعلام، مع فوائد ومنافع لا تخفى، في مقابل "إبداعات" فضائياتنا في موضوعات متدنية ومخزية!

وقد أحببت أن أقترح أمراً مفيداً في هذا، وهو إنشاء قناة متخصصة في أعلام الأمة، ولا أعنى الأعلام الذين ابتليت بهم أمتنا منذ سقوط الخلافة الإسلامية، الذين يجدون من يطنطن ويدندن لهم من أصحاب الضمائر القابلة للبيع والشراء، في وسائل الإعلام المختلفة، ولكن أعني أعلام أمة الإسلام، المخلصين لدين الله الحنيف، من العلماء، والفقهاء، والأصوليين، والقضاة، والمحدِّثين، والقرّاء، والمفسِّرين، وعلماء العقيدة والكلام، والتربويين وأهل السلوك، وعلماء الاجتماع، واهل البر والإحسان، وعلماء اللغة والنحو، والبلاغيين، والأدباء والشعراء الملتزمين، وعلماء الطبيعة والكيمياء وأنواع العلوم البحتة والتطبيقية، من الأطباء والمهندسين والرياضيين وغيرهم، وأهل الفن والعمارة، والمؤرخين، والجغرافيين، والمكتشفين، الذين ملؤوا سماء الحضارة بالعلم النافع والثقافة المفيدة،.

وفي سيرهم وذكر فضائلهم وآثارهم ما يعيد الثقة بالنفس، ويحفز الهمم إلى العمل والإنتاج، مع التأثر والاقتداء برجالات الأمة المقتدرين.

بل يتناول جميع الأعلام السابقين والمحدَثين، إما في حياد وموضوعية بإعطاء معلومات تاريخية وواقعية عنهم، أو مع التنبيه إلى ما يلزم من الهفوات والأخطاء فيمن جانبه الصواب منهم، في حكمة ونقد علمي.

ومن الفوائد الجمة لهذه القناة، هو ربط العالم العربي والإسلامي من خلال التعريف بالأعلام السابقين والموجودين مع بيان أنشطتهم وبحوثهم ومؤلفاتهم العلمية، وذكر الوفيات الحاضرة من خلال مراسلي القناة الموزعين في أنحاء العالم، فإنه تمرُّ السنة والسنوات ولا يعرف المسلمون الحي من الميت.

وبرامج القناة ستجمع بين القديم والحديث، وتنوِّع في الموضوع والإخراج، من ذكر تراجم خفيفة ميسرة، إلى سيرٍ مطولة في حلقات، إلى لقاءات مع أعلام فيها تركيز على الحياة العلمية والعملية، والمهم هو ذكر الآثار العلمية، وبيان المطبوع والمخطوط، وما حقق من المؤلفات القديمة للأعلام، والتنبيه إلى المفيدة والرائعة منها التي مازالت ترقد في خزائن المخطوطات... لا شك أن مثل هذا يُحدث حركة فكرية جيدة، وموجة ثقافية رائعة، ويربط الشباب بدينهم وتراثهم وإخوانهم في البلاد الأخرى. والله الهادي.