آه ... يا جدّي
إبراهيم محمد خير يوسف
لقد مات جدّي!
كان يحبني كثيراً، لأنني كنت أصغر أحفاده.
يناديني بصوته الضعيف: تعال يا إبراهيم. ثم يمد يده إلى تحت فراشه ويخرج ريالات ويعطيها لي، وهو يبتسم.
وقد يناديني أحيانا لأجلب له بعض الماء، أو أحضر له عصاه، أو أعيد شيئاً إلى مكانه.
وكانت آخر أيامه في بيتنا عندما حملوه لينزلوه من الدرج ويجلسوه في السيارة، فنادى أبي: انظروا إلى جدكم جيداً، فلعلكم لن تروه بعد الآن! وكان كما قال أبي، لم نره بعد ذلك.
لقد مات جدي!
كان مرضه الأخير مؤلماً جداً، لم يكن يطيقه جدي، وكان في التسعين من عمره، وما كان يقدر أن يتمدد ولا أن ينام على جنبيه، وقد بقي أكثر من أسبوعين وهو يتأوه من الألم من رجليه الضعيفتين، ولا يقدر أن يتحرك إلا قليلاً.
لقد مات جدي رمضان... في الشهر الماضي (جمادى الأولى 1428 هـ).
عندما أذهب إلى غرفته لا أجده... أرى خياله وظله وذكراه فقط، وكأن عينيه الزائغتين تنظران إلىّ من بعيد، وكأن هاتفاً بصوته الضعيف يناديني ويقول: لا تنسني يا ولدي إبراهيم، كنت أحبك كثيراً، وأنصحك كثيراً، ادعُ لي إذا تذكرتني، تصدَّق عني ببعض الريالات إذا كبرت إن شاء الله...
لن أنساك أبداً يا جدي، ليتني ساعدتك أكثر، ليتني كنت عندك دائماً لأكون رهن إشارتك، ليتني كنت أحمل كأس الماء في يدي دائماً لأقدِّمها لك عندما تريد. لقد بكينا عليك كثيراً يا جدِّي، أنا وأبي وأمي وإخواني وأخواتي جميعاً رحمك الله برحمته الواسعة، وأسكنني معك الفردوس الأعلى، وسلام عليك في كل حين.
إبراهيم بن محمد خير بن رمضان يوسف