حاوره فى تجربته/ أبو الحسن الجمال - كاتب صحفي - مصر
ما أحلى التردد على رموز حياتنا الثقافية والعلمية والاقتراب منهم، والاستفادة من تجاربهم، حتى نضعها على مائدة القارىء... ينهل منها الخير الكثير، ولقاءنا الآن مع عالم جليل امتد نشاطه إلى مجالات شتى.. هو الأستاذ المؤرخ والمفكر الإسلامي محمد خير رمضان يوسف.. فقد بدأ السلم من أوله مدرساً للمراحل الابتدائية والإعدادية والثانوية في محافظة الحسكة والعاصمة دمشق بين 1394 – 1401 هـ (1974 – 1981 م)، ثم عمله إماماً، ثم إماماً وخطيباً في جامع زين العابدين بمدينة القامشلي مدة عام ونصف العام، بين 1400 – 1401 هـ، وصاحب أثناءها علماء، وحضر لهم مجالس عِلم، كما ولج بلاط الصحافة صاحبة الجلالة، وعمل في مبدأ الأمر مصححاً في مجلة "عالم الكتب" السعودية سنة 1407هـ ، ثم سرعان ما تحول إلى التحرير، واكتسب خبرة كبيرة في هذا المجال، وأصدر مجلة إلكترونية في 15 رمضان 1432هـ بعنوان (مجلة الكتاب الإسلامي)، كان يقوم بإعدادها وتحريرها، كما استفاد في مجال آخر عندما عمل في مكتبة الملك فهد الوطنية منذ بداية إنشائها عام 1409 هـ، وعين مديراً لإدارة الاقتناء وتنظيم المعلومات من محرَّم 1411 هـ، حتى شهر صفر من عام 1413 هـ، ومحكِّماً في كتبٍ قليلةٍ حوِّلت إليه، واستقرَّ عمله في إدارة التصنيف والفهرسة مفهرساً ومصنفاً للكتب ومراجعاً لهما. وأثناء إدارته للقسم أصدر نشرة أو مجلة صغيرة بعنوان (الدرَّة)، صدر منها عدة أعداد، وتوقفت باستقالته.
ولم تشغله هذه الوظائف وهذه الأنشطة عن البحث العلمي، والتأليف، وتحقيق كنوز التراث العربي، ويتصف منهجه بالدقة والعمق، وامتلاك أدوات البحث العلمي، فجابت مؤلفاته وأبحاثه ومحققات الآفاق، ويصعب حصرها في هذا المقام الضيق، وسوف نذكر بعضها، ومنها: في التراجم والأعلام، حيث ذيَّل على الأعلام للزركلي بعنوان "تتمة الأعلام للزركلي: وفيات 1397- 1415هـ"- بيروت: دار ابن حزم، 1418هـ، فى مجلدين، والطبعة الثانية (وفيات 1396- 1415 هـ) يليه مستدرك جديد في مجلد (جـ3)... دار ابن حزم، 1422 هـ، وتجهز الطبعة الثالثة حتى وفيات 1433ه، وتكون في نحو عشرة مجلدات أو أكثر إن شاء الله، [وفيات 1396 – 1435 هـ، في عشرة أجزاء، صدرت عن دار الوفاق بعدن، في طبعة ثالثة، ورابعة، 1437 هـ]، وذيل كذلك على "معجم المؤلفين" لعمر رضا كحالة بعنوان "تكملة معجم المؤلفين: وفيات 1397- 1415هـ"- بيروت: دار ابن حزم، 1418هـ، 794ص.وتجهز لطبعة ثانية.. وتكون في عدة أجزاء إن شاء الله.
وفى تحقيق التراث: منها : "تاج التراجم" لقاسم بن قطلوبغا الحنفي (ت 879هـ)، دمشق: دار القلم، 1413هـ،568ص، "المفاضلة بين الغني الشاكر والفقير الصابر" تأليف محمد بن بير علي البيركلي (ت 981هـ)، و"اللمعات البرقية في النكت التاريخية" تأليف شمس الدين محمد بن علي بن طولون الصالحي (ت 953هـ) - بيروت: دار ابن حزم، 1415هـ، 176ص، "رفع الريبة عما يجوز وما لا يجوز من الغيبة" محمد بن علي الشوكاني (ت 1250هـ) - بيروت: دار ابن حزم، 1415هـ، 63ص، و"الرقة والبكاء" تأليف موفق الدين عبد الله بن أحمد بن قدامة المقدسي (ت 620هـ) - دمشق: دار القلم؛ بيروت: الدار الشامية، 1415هـ، 534 ص.
وفى الفهارس نذكر منها: "دليل المؤلفات الإسلامية في المملكة العربية السعودية1400ــ 1409هـ"- الرياض: دار الفيصل الثقافية، 1413هـ، 781ص، و"الإعلام الإسلامي: ببليوجرافيا بالكتب والرسائل والبحوث الجامعية"- الرياض: دار طويق، 1414هـ، 117ص، و"المكثرون من التصنيف في القديم والحديث: من صنّف مائة كتاب... فألفاً... فأكثر"- بيروت: دار ابن حزم، 1421هـ، 175 ص، و"معجم المؤلفين المعاصرين في آثارهم المخطوطة والمفقودة وما طُبع منها أو حُقِّق بعد وفاتهم: وفيات 1315 - 1424 هـ"- الرياض: مكتبة الملك فهد الوطنية، 1425هـ، 2 مج (934 ص).- السلسلة الثالثة (55).وغيرها..
وحاولنا في حوارنا هذا أن نسأله عن النشأة، وكيف كان له أثرها في حياته العلمية، ومن هم أساتذته خلال رحلته في طلب العلم، وقصة تذييله على كتاب "الأعلام" للزركلي، الذي يعد بمثابة ابن خلكان العصر وكتابه "وفيات الأعيان"، والذيول على كتابه التي امتدت لنحو قرنين من الزمان، كذلك كان لكتاب الأعلام ذيول مثل: ذيل العلاونة، وذيل نزار أباظة، وذيل ضيفنا محمد خير رمضان، كذلك تحدث عن المعارك التي رافقت هذه الذيول، وناقشنا معه رؤيته لعلم التراجم في الوقت الراهن، ومنهجه في كتابة التراجم، وقضايا تحقيق التراث وكيفية الاستفادة من هذا التراث، وموضوعات أخرى سوف نطالعها في هذا الحوار:
- بداية حدثنا عن النشأة، وكيف كانت للنشأة أثرها الكبير على حياتك العلمية فيما بعد؟
ولدت في قرية نائية، ونشأت في بلدة اسمها (القحطانية)، وبالكردية (تربه سبي) في شمال شرقي سورية، قرب الحدود التركية والعراقية، أبرز سماتها الجهل! فلم يكن فيها عالم واحد، ولا مكتبة، وفيها مدرِّسان فقط، أحدهما حاصل على الشهادة الابتدائية، والآخر توقف بعد السنة الرابعة الابتدائية، وفيها مدرسة ابتدائية واحدة، يدرِّس فيها معلّمون من المدن الأخرى.
فلم يكن للبيئة تأثير علمي عليّ، بل كل التأثير من والدي، الذي كان يحثني دائمًا على تعلم القرآن الكريم وقراءته، ويحبب إلي العلماء وعلمهم، ويثني عليهم. وكان والده قد منعه من التعلم، فأراد أن يعوِّض ما فاته في ولده.
وقد درَست في تلك البلدة المراحل الدراسية الأولى، وحصلت على الشهادة الثانوية من مدينة قريبة تسمى (القامشلي).
- كيف ابتدأ مشوارك في تحصيل العلم؟
بدأت رحلتي الأولى مع العلم بأوراق التقويم (الروزنامه)، ولفائف السلع الخفيفة من أوراق المجلات القديمة، فكان ذلك أنيسي وثقافتي في الصغر. ولما أنشئت المكتبة المدرسية هرعت إليها، ولكن فوجئت بأنها مصادمة للدين والفطرة والأدب، فكانت مؤلفات لزعماء شيوعيين ومنظرين اشتراكيين وقادة أحزاب قوميين علمانيين وأدباء ساعين إلى الفاحشة والرذيلة!
وفي بداية الثانوية بدأت أمخر عباب المجلدات من كتب الجاحظ، ودواوين الشعر القديمة، والقصص الشعبية المعروفة. ولما انخرطت في سلك التعليم الجامعي تعرفت على ثقافة جديدة وكتب مناسبة من مكتبات العاصمة، فأسست مكتبة صغيرة فيها مجلات قديمة وكتب ثقافية إسلامية ومراجع..
- أهم الأعلام الذين تتلمذت عليهم وتأثرت بهم وذكرياتك معهم؟
لا يوجد شخص يقرأ كتب الأستاذ سيد قطب عن طواعية إلا ويتأثر بها، فإذا لم يكن متدينًا تأثر بأدبه، فهو رحمه الله قوي الأسلوب، ذو ثقافة واسعة، وفكر عميق، وهو واقعي مؤثّر، ومبدع مجدّد، ومخلص في علمه وعقيدته، ويسخّر مواهبه للحق والدين، ويكتب عن التزام.
ثم وقع بين يدي كتاب (قذائف الحق) للأستاذ محمد الغزالي رحمه الله، فأطللت منه على عالَم جديد في الفكر والثقافة الإسلامية والرد على أعداء الدين.
كما قرأت معظم كتب العلامة مصطفى صادق الرافعي، وكثيرًا من روايات الأديب نجيب الكيلاني رحمه الله، وملأ قلبي كتاب إحياء علوم الدين، وارتقيت فكريًّا بكتب أبي الأعلى المودودي، ومالك بن نبي..
وكان كل تأثري بجوانب مما كتبوا فيه، وليس تقليدًا لأحد منهم، أو تعصبًا له، أو الوقوف عنده دون غيره.
ولم أقرأ على شيوخ العلم، لكن حضرتُ مجالسهم، وأجازني شيخي علوان حقي إجازة عامة، وكنت مترددًا في قبولها، فلست من طبقة العلماء.
- الأستاذ خير الدين الزركلى كان بمثابة (ابن خلكان العصر)، وكان لكتابه "الأعلام" ذيول عديدة، منها تذييلكم عليه.. ما المنهج الذى انتهجته في هذا الذيل؟
أذكر أولًا أنني لم أتبع منهج الزركلي، كما لا أتبع منهج أحد أو أسلوبه في كتاباتي، ولو فعلت لفشلت. ولست بدعًا في هذا، فقد أكمل السخاوي تراجم شيخه ابن حجر ولم يتبع نهجه، ففرق كبير بين (إنباء الغمر) و(الضوء اللامع)، وهكذا.
أما النهج الذي اتبعته فقد حكيته في مقدمة (تتمة الأعلام) وهو طويل بعض الشيء، كما ذيلت الكتاب بمقال طويل في آخره بعنوان (مقالة في التراجم)، بينت فيها ما يلزم اتباعه لمن تصدّى لعمل تراجم للأعلام، وهو في (14) بندًا، وكلها من صنعي وتجربتي، وهي تتعلق بتحري الاسم، وسنتي الولادة والوفاة، والمكان والنشأة، والدراسة والرحلات والأعمال، والتخصص، ومن أخذ منهم المترجم له وصاحَبهم، والمناصب التي اعتلاها، وعقيدته ومنهجه في الحياة، وهو ما ركزت عليه بكل ما أوتيت من علم وثقافة، وقلت في المقال حول هذا:
"إن هذا ما يريده الجميع، فكل يحبُّ مذهبه ومعتقده، ويريد أن يعرف هل هذا الشخص معه أو ضده؟ وهو مهم لمن يتصدَّى للتراجم من الإسلاميين، ليبيِّنوا للقارئ المسلم حقيقة من يقرأ له أو يسمع به، فيحبه أو يحذره، وكان هذا منهج سلفنا في كتابة التراجم، وهو قريب من منهج الجرح والتعديل، فيذكرون الفرقة التي ينتمي إليها الشخص بكل وضوح، كأن يكون شيعياً، أو معتزلياً، أو جهمياً، أو حتى من مذاهب فقهية، إن كان مالكياً، أو حنفياً..
ولا أعرف لماذا يتحرَّج بعض الناس من ذكر ذلك وقد كرَّس المترجم له حياته كلها لمذهبه ومنهجه؟ ويدعو الناس إليه ويفتخر به، ويريد أن يعرفه الناس بهذا، فلماذا لا يقال ذلك في ترجمته وقد صبغ حياته به"؟
ثم تذكر آثاره العلمية وما إلى ذلك...
- المعارك التي صاحبت ظهور ذيول الأعلام؟
ظهرت هذه المعارك لأهمية الكتاب الأصل (الأعلام) وموت صاحبه الأستاذ (خير الدين الزركلي)، فبدأ المثقفون والباحثون يتحسسون ما ظهر من البديل الجديد وتكملاته، وهل هي في درجته أم لا؟ وكان كتابي (تتمة الأعلام) أول ما ظهر من هذه الذيول، الذي صدرت طبعته الثالثة عام 1436 هـ [وصدرت طبعته الرابعة عام 1437 هـ] في عشرة أجزاء. وتسرّع بعض الناس في إبداء آرائهم، فمنهم من أصاب ومنهم من أخطأ، ومنه من تعدَّى ومَن أنصف. ولم أتدخل في شيء مما جرى ولا بكتابة حرف، فالكلمة ليست لأصحاب الذيول، ولهم الدفاع عن أنفسهم فقط، ولكن الكلمة هي للنقّاد الخبراء أصحاب الضمائر المنصفين، وقد تفلح في هذا دراسات وبحوث أكاديمية.
- كيف ترى علم التراجم اليوم فى ظل هيمنه الأفكار المستوردة والتى أثرت جدياً على الثقافة العربية وعلى علم التاريخ والتراجم بالأخص؟
الحمد لله، مازال علم التراجم أكثره بيد أصحابه من الكتّاب الأمناء على تراث الأمة ورجالها، والدخيل في هذا هو من قلَّد ولم ينظر إلى نهج الآباء، وفيه من المفيد الكثير، أما من استفاد من الاثنين فلا بأس، ولكن المهم الأمانة، وبيان نهج المترجم له، وعقيدته، كما بينت من قبل.
ومن المؤسف أن الذي صاحبَ الزيف والبهتان والكذب في التأريخ للأحداث والقيادات والزعماء، هم الذين استأثروا بالسلطة غصبًا عن الشعب، وحكموا بالكلمة الواحدة والجبر والقهر، واستغلوا كل مقدرات الدولة وقوتها لصالح كرسي الحاكم وأصحاب النفوذ ممن شايعه، ولم يسمح لأحد بالزيادة عليه، فكانت الأبواق كلها من فمه إلى أذنه!
وكما قلت في مقدمة التتمة: " والذين يصنعون هذا ويكرِّسونه ويدافعون عنه هم «الأعلام» البارزون فيها، والذين يساندونهم ويقودونهم هم الإعلاميون والصحفيون والمذيعون والأدباء والمؤلفون ومن إليهم، ممن يصبِّحوننا ويمسُّوننا بوجوههم وأقلامهم رغمًا عنا! ويُقَدَّمون على أنهم هم القلمُ الفذّ، والعبقريةُ المبهرة، والثقافةُ العظيمة، والأدبُ الجديرُ به، والقدوةُ الواجبُ اتباعها، وما هم إلا ظَلَمة أو ظلالٌ لهم، لا يتكلمون إلا بما يُرضي سادتهم، وفي رؤوس أقلامهم السمُّ الزعاف، وعلى أطراف ألسنتهم الكذبُ والخداع، وفي قلوبهم الغدرُ والنفاق، يملؤون سماء ثقافتنا بالنظريات الهدامة، والفكر التغريبي، والتدجيل الإعلامي...".
- منهجك فى التراجم والسير، هل هناك مؤثرات غربية ؟ أم هي إسلامية صافية؟
أما المؤثرات الغربية فقطعًا لا، أما الإسلامية (الصافية) فأرجو.
والسمة الإسلامية البارزة في عمل الترجمة هي الصدق، هي قول الحقيقة، وإعطاء التصور الصحيح الشامل للشخصية المترجم لها، هي بيان النهج الذي كان يسير عليه. ولم يتأتّ لي هذا في كل من ترجمت له، فلست مطلعًا على أحوال كل الناس، ولا كل ما كتبوه، ولكن أبحث، وأكتب على قدر ما أعرف، ولا أدَّعي ولا أكذب، ولو كان من أترجم له عدوًّا. وإذا نقلت وثَّقت، ليُعلم أن هذا القول من مصدره.
وقد لا تُعطى الترجمة حقها لأسباب، منها أن المترجم له مات مغمورًا، ولا تلامذة له، أو لم تصل ما كتبوه إلى أصحاب الشأن ممن أرَّخوا له.
- لكم مصنفات عديدة حول تاريخ المرأة ودورها العلمي في الحضارة الإسلامية، كيف رأيتها؟ وما الدوافع التى جعلتك تؤلف هذه المصنفات النفيسة؟
لا دافع لي سوى العلم. فرأيت اهتمامها بالعلم والتربية والأخلاق، فترجمت لها وبيَّنت أمرها وذكرت شأنها.
وقد لاحظت قلة المؤلِّفات في التاريخ الإسلامي، وذكرت أني لم أقف سوى على ترجمة (36) مؤلفة على مدى التاريخ الإسلامي حتى عام 1200 هـ، في كتابي (المؤلِّفات من النساء ومؤلَّفاتهن في التاريخ الإسلامي). ثم اجتهدت في بيان أسباب ذلك، وأن الناظر في حال المرأة في المجتمعات الغربية يلاحظ أيضًا قلة النساء المؤلِّفات بالنسبة إلى الرجال.
وقد تبيَّن لي أن اهتمام المرأة بالعلم وجدارتها ونبوغها في بعض العلوم يعود إلى حال الأسر واهتماماتها العلمية، وإلى بيئتها بشكل عام، وأن أبرز أسباب انصرافها عن المضي في طريق العلم هو لانشغالها بأمور الأمومة العظيمة، فهي رسالتها الأساسية، وهذا ما يلاحظ عليها حتى اليوم، مع النظر في حال بيئات وعادات.
- لك تجارب في الصحافة مصححًا ومحررًا، كيف ترى دور الصحافة فى تأكيد دور التراث العلمي للحضارة الإسلامية؟
إن الصحافة هي لسان العلم الطويل، إذا كانت مسدَّدة وليست مدفوعة لأمور أخرى، فهي التي تستطيع أن تصل إلى لبّ الشباب، وعقول العلماء، وقلوب العامة، فتلفت نظرهم إلى المفيد من العلوم، مما يصلح النفوس والمجتمعات، ويبني حضارات ومدنيات، ويرفع بيوت العزّ والكرم. وهذا ما كان عليه أجدادنا، فكانوا أساتذة العالم، وبُناة حضارة، وسلاطين العلم والتجارب، ولذلك كانوا جديرين بالحياة، أعزة، وقمة في السيادة، وفي التعليم والتعلم.
- كيف ترى تحقيق التراث في العالم العربي والإسلامي؟
لقد حُققت أمهات الكتب في العلوم الإسلامية وغيرها منذ سنوات، وحدثت طفرة عظيمة في تحقيق كتب تراثية جديدة بعد أن أنزلت ألوف المخطوطات في الشبكة العالمية للمعلومات، ثم صارت تخفّ شيئًا فشيئًا. لكن الملاحظ هو تحقيق كتب سبق أن حققت بأفضل من الجديد، وكأن الناس تحب الجديد ولو كان على حساب الجودة والتحقيق العلمي!!
ومما يؤلمني هو تفاخر بعض المحققين بتحقيقاتهم وبيان تميزها على غيرها، وهم لا يحسنون الكتابة السليمة، فيخلطون بين المرفوع والمنصوب، وربما المذكر والمؤنث، ولا يضبطون النص، وإذا ضبطوه أتوا على السهل وتركوا الصعب، وكتبوا مقدمة سقيمة يُعرف بها درجتهم في العلم والمعرفة.
- كيف نستفيد من تراثنا العظيم؟
بتسهيل إيصال المخطوطات إلى أيدي الباحثين والجديرين بالتحقيق، لتحقيقها تحقيقًا سليمًا، والتعليق على ما يلزم منها، ومقارنة معلومات فيها بما جدّ، والإعلان عما حقق منها، والاستشهاد بمضامينها، وبيان ما فيها من فوائد، وتسهيل وصول الكتب إلى طلبة العلم والعلماء، وتقدير المهتمين بالتراث الإسلامي، والإشادة بهم وبجهودهم، لتشجيعهم، وعدم المتاجرة بالعلم على حساب الأمانة العلمية وتبليغ الرسالة العظيمة. وعمل مسارد ومخازن وأنظمة إلكترونية خاصة بكتب التراث الإسلامي، لمعرفة أماكن وجودها، ومعرفة ما حقق منها وما لم يحقق..
(نشر في شبكة الألوكة، وأوردت نص الحوار كاملًا، فقد حُذفت منه جمل وعبارات).
ثم نشر في مجلة المختار الإسلامي، أحد أعداد 1441 هـ، 2020 م، ولم أقارن بينه وبين هذا.