وفاة أستاذنا الجليل جعفر شيخ إدريس في هذا اليوم (23 محرم 1447 هـ) في الرياض، بعد عمر طويل أمضاه في البحث والدعوة والتعليم والحوار والإبداع.
كان ذا ثقافة عالية، ويجمع بين العلوم الشرعية والعصرية، ويحاجج بثقافته وذكائه العلمانيين والليبراليين والملحدين والمشككين.
ولعل أكثر عمله كان في الجامعات السعودية، فكان يكلف فيها بتدريس علوم عصرية متوافقة مع الإسلام. وعندما أنشئت كلية الدعوة والإعلام في جامعة الإمام بالرياض كنت مع آخرين من زملائي من بلاد مختلفة في السنة الأخيرة من المعهد العالي للدعوة الإسلامية، ولكن الجامعة ألغت المعهد، وحوّلونا إلى الكلية الجديدة (كلية الدعوة والإعلام) وقالوا: ستتخرجون منها وتحصلون على الماجستير. وقد درَّسَنا فيها أساتذة كبار، لهم علم ووعي وسمعة عالية، منهم الأجلة (رحمهم الله): أحمد العسّال، محمد أديب الصالح، مصطفى مسلم، جعفر شيخ إدريس، وصديقه زين العابدين الركابي...
وكانت تقرر مواد جديدة لا يوجد لها مثيل في الجامعات العربية، وتسند إلى هؤلاء الأساتذة رحمهم الله وجزاهم خيرًا وبرًّا كثيرًا.
وأذكر أنه قُررت مادة (الفكر الإسلامي) وأسندت إلى الشيخ جعفر شيخ إدريس، وجاءنا في أول درس وقال: لقد أسندت إليّ هذه المادة ولا أدري كيف تكون!
واستفدنا من علمه كثيرًا؛ لعلمه، وتواضعه، وأسلوبه الهادئ المحبب.
وكانت علاقاته طيبة مع علماء السعودية، وخاصة الشيخ عبدالعزيز بن باز، وكان يقول: إذا أردتم أن تستفيدوا من الشيخ ابن باز وتستخرجوا جواهر علمه فاسألوه، أما كلامه ومحاضراته فهو كلام عادي!
رحم الله أستاذنا الجليل، وجزاه عنا وعن المسلمين خير الجزاء.