حيرة القارئ في صحته

تطالعنا الصحف والمجلات على مدار الأيام والأسابيع والأشهر بأخبار العلم وآخر النظريات والتجارب العلمية في موضوعات متعددة وتخصصات مختلفة تهم الإنسان في كثير من جوانب حياته، ولعل أكثرها قرباً منه هو ما يتعلق بصحته، فقد كثرت الأمراض، وتعددت الأدوية... وقد لا يشفى المرء أو يبطئ شفاؤه، فيطالع ويبحث عن الجديد فيما يستجد ويتطور من أخبار الصحة الشخصية.

    لكن القارئ المسكين يتفاجأ بأخبار ودراسات وتجارب كثيرة لا يكاد يجد لها آخراً، وهو إن قرأ موضوعاً مهماً يقي مرضاً فاستبشر، أو سمع عن دواء اخترع يحتاج إليه ملايين المرضى فابتهج، لا يجد حديثاً بعده في اليوم التالي، ولا الأسبوع الذي يليه ولا الذي بعده، وكأن الأخبار كالطيور، إذا طارت وابتعدت لم تُر بعد!

    لقد كثرت التجارب المعملية، وتشعبت البحوث العلمية في الجامعات وغيرها، فصار كل ينشر أخباره ونتائج تجاربه في مجلته، فتبثها وكالات الأنباء، وتتلقفها الصحف والمجلات، المتخصصة وغير المتخصصة، فتورد منها ما يناسب الخبر الصحفي، بأسلوب سهل، ثم تترك القارئ وشأنه!

    وكثرت شركات الأدوية التي صارت تستخدم شهرتها وعراقتها وقوتها الدعائية وسيطرتها المالية لنفسها وضد غيرها، حتى تجعل من الدواء الجديد المكلَّفة بإنتاجه ما لا مثيل له ولا شك في الشفاء باستعماله، وتجعل من دواء شركة أخرى تافهاً ا، لا أمل في الشفاء منه، أو تدعي أن له نتائج جانبية خطرة بعد إجراء تجارب على المرضى، على الرغم من أن له التركيب والمفعول نفسه!

    هذا ما عدا شركات تجارية أخرى تهدف إلى تسويق أنواع معينة من النباتات والخضر، فتعمل دعايات لأنواع منها، وتذكر أن استعمالها مجرَّب ويؤدي إلى الشفاء، وهي تهدف إلى الربح بالدرجة الأولى.

    ونعود إلى القارئ (العادي) المتحير، الذي لا يعرف كيف يتصرف وهو يقرأ هذا وذاك ولا يجد شيئاً منه على خريطة الواقع!

    وليتذكر المريض بالسكر -مثلاً- كم مرة قرأ من علاجات شافية لهذا المرض، سواء من الأدوية أو من النباتات، في الصحف أو في النشرات، أو عبر وسائل الاتصال الحديثة، ولم يكتشف له دواء حتى الآن، وما يستعمله المرضى من أدوية كلها علاجات مؤقتة لساعات من النهار!

    إن الذي يُعرف عن دوريات أن لها محررين صحيين، في درجة أطباء أو قريبين منهم، هم الذين يختارون ويحررون، وهناك عبء كبير يقع على عاتق هؤلاء في هذا التحرير، فالأخبار والتجارب الجديدة التي لا تكاد تصدق لا ينبغي أن يوردها هكذا، بل لا بد من أن يعلق عليها، ويبين اختلافها أو تناقضها مع ما عرف من ذلك سابقا.ً

    وكذلك الأدوية والمستحدثات الجديدة في العلاج، يذكر أنها في طور التجربة، وأنها لم تعمم بعد، وهكذا يتعامل مع الأخبار العلمية، ليوقف القارئ العادي على حقيقة الأمر، وأن لا يظن أن ما ورد في هذا الخبر هو كل شيء، وآخر شيء!

    وإن عدم "جدية" ما يقرؤه الشخص يؤثر على ثقافته العلمية، فيكون مضطرباً، قلقاً، غير متأكد من معلوماته، ومدى صحة ما يقرؤه من عدم صحته، ومن ثم يكون غير واثق بنفسه وبعلمه، ولا يجد المجال ليسأل الطبيب عن كل ما يقرأ، ثم إن كثيراً من الأطباء لا يتابعون المستجد من خلال الدوريات العادية...

    وقد أحببت أن أوقف القارئ على مجموعة من أمثال هذه الأخبار، التي قد تجلب الانتباه، وتثير تساؤلات، أوردها في عناوين ورؤوس موضوعات، وأتمنى أن تهتم هيئات التحرير في الدوريات والصحف السيارة بما ذكرت من ملاحظات...

 

الإسبرين خطر على السمع.

التدخين أخطر من الشعاع النووي.

السجائر الملفوفة باليد تزيد مخاطر الإصابة بالسرطان!

علاج السرطان في قشر البرتقال اليوسفي.

تقرير طبي يؤكد عدم جدوى اتباع مرضى السكر لنظام غذائي خاص بهم، فبإمكانهم تناول      طعامهم كالأشخاص العاديين تماماً...

النقود تنقل الأنفلونزا، وخاصة الأوراق النقدية.

السمنة تنتشر بالعدوى من خلال العلاقات الاجتماعية!

البدناء يعيشون أطول!

انقلاب في الإسعافات الأولية: خطورة تقديم أي علاج لتبريد الحروق الخطيرة، وخاصة سكب الماء عليها. كذلك عدم حث المصابين بالتسمم على التقيؤ.

السبانخ ينافس أفضل العقاقير الدوائية: خافض للحرارة، مدر للبول، دواء...

الثوم بديل طبيعي للأنسولين.

الشاي الأخضر والثوم يمنعان تلف الحمض النووي.

الشاي بالنعناع يقضي على الشعر الزائد عند النساء.

اللبن يعدل المزاج ويقوِّم السلوك العنيف.

الكاكاو يخفض ضغط الدم.

الشيكولاته السوداء مفيدة للمرأة الحامل.

الذكريات الأليمة تعالج كيماوياً بدل الطب النفسي!

الفياجرا تسبب فقدان السمع، كما تسبب العمى.

رفع الأثقال يسبب الصلع!

الغازات السامة تساعد المرضى الذين يعانون من أعراض رئوية حادة على تحسين صحتهم...!!

وكان الله في عون القارئ!