التحول الأمريكي إلى الشيعة

ظهر اتجاه أمريكا نحو الشيعة والتعاون معهم ضدَّ أهل السنة منذ احتلال العراق في عهد الرئيس الأمريكي جورج بوش الابن، وقد صرَّح بهذا التحول بول بريمر في مذكراته، وكان المندوب (السامي) الأمريكي للعراق، ومهندس نقل الحكم من السنة إلى الشيعة.

وكان الرئيس الروسي بوتين قد أقنع الإدارة الأمريكية والغرب أيضًا بالتعاون مع العنصر الشيعي، ولذلك كان تعاونه مع إيران قويًّا وناجحًا؛ لأنه لم ير من نهجها الديني خطرًا على مصالح روسيا وغيرها من الدول الأجنبية.

وقد اقتنعت أمريكا بهذا الموقف، وساندته بقوة، وكرَّسته في دبلوماسيتها، ورأت فيه مخرجًا من أزمات لم تنجح فيها. ولن تنجحَ في هذه أيضًا.

والتاريخ يشهد أن الشيعة أصدقاء مخلصون مع أعداء المسلمين، فابن العلقمي الشيعي (ت 656 هـ) عندما ثبت منصبه وزيرًا للمستعصم بالله، مالأ هولاكو وأقنعه بغزو العراق لكي تسقط الخلافة الإسلامية. وكان قد ولي الوزارة (14) عامًا، فوثق به المستعصم وألقى إليه زمام أموره.

وتعاونُ الشيعة مع اليهود موثقٌ تاريخيًّا، بل إن أصل ومنشأ التشيع يهودي، فالذي أسس هذه الفرقة هو ابن السوداء (عبدالله بن سبأ) الذي قدَّس عليًّا وجعله في رتبة الإله، كما يقدِّس الشيعة أئمتهم (المعصومين) ويجعلون لهم صفات إلهية!

من ذلك قول الخميني في كتابه «الحكومة الإسلامية» ص52: "إن للإمام مقامًا محمودًا ودرجة سامية وخلافة تكوينية تخضع لولايتها وسيطرتها جميع ذرّات هذا الكون. وإن من ضرورات مذهبنا أن لأئمتنا مقامًا لا يبلغه ملك مقرَّب ولا نبيٌّ مرسل"!

وقد تنقَّل ابن سبأ بين البلدان في عهد عثمان رضي الله عنه وهو ينشر بدعته، ونفاه عليّ رضي الله عنه إلى ساباط المدائن بعد أن عرف نحلته.  

ووجود الخميني في فرنسا قبل إعلان ثورته الشيعية، واتصالاته باليهود وتنظيماتهم السرية يعرفها المؤرخون والباحثون، ولم تعد تخفى على أحد، ولذلك فإن الإعلام الفرنسي سانده وهوَّل من شأنه ورفع رايته على راية الشاه عندما أعلن الثورة ضده عام 1399 هـ (1979م)، وفرنسا لم ولن تفعل مع تنظيم إسلامي سني مثله؛ لأنها تعرف منطلق الثورة الشيعية وأصل تركيبتها جيدًا.

وما يظهر من اختلاف بين أمريكا وإيران، وبين الكيان الصهيوني وما يسمى بحزب الله، هو اختلاف مصالح، وكما يحدث بين أولا العم من أسرة واحدة، فقد يصل الخلاف بين بعضهم أن يقتلوا أفرادًا منهم. ولكن الحقيقة تبقى أنهم أهل وأصحاب، يوالي بعضهم بعضًا.

ثم إن الذي دوَّخ أمريكا والغرب، وهدَّ أركانها، واستنزف قوتها، هو تنظيم القاعدة، الذي ينتمي كل عناصرها إلى أهل السنة، فلا شيعيَّ بينهم، بينما التنظيمات الدينية الشيعية لم تسبب مشكلة لها، فلم تجرحها، ولم تنفذ عملية ضدها، إلا ما كان منها ذرًّا للرماد في العيون.

كما تبيَّن لأمريكا والغرب أن التنظيمات والحركات والجمعيات الإسلامية ظهرت وكثرت وقويت في كل أنحاء العالم الإسلامي، ولم تعد قادرة على مجابهتها كلها، فرأت أن التعاون مع إيران وتقوية الأقليات الشيعية في مناطق أخرى يخفف عنها هذا العبء، وأن الشيعة إذا حكموا فهم الذين سيحاربون القاعدة والحركات الإسلامية الأخرى بدلاً منها.

أما علاقات أمريكا مع دول أهل السنة - ومعظمهم علمانيون يحاربون الدين – فهي علاقات دولية، تقوم على المصالح الاقتصادية والسياسية، وهم الأكثر والأقوى اقتصاديًا.

وما كانت هناك قوة حقيقية للشيعة حتى وقت قريب، فقد دحرت العراق قوات إيران وكبدتها خسائر كبيرة جدًا في الأرواح والمعدّات الحربية، حتى انسحبت من الحرب خاسرة، ولم تقوَ إيران إلا بعد أن احتلت أمريكا العراق، فتعاظمت قوتها منذ ذلك الحين، يعني منذ أن ساندت أمريكا العنصر الشيعي واعتمدته بدل السنة.

فالفرق في اختلاف علاقات أمريكا وغيرها هنا هو تعاونها مع الشيعة، القوة المصنعة الصاعدة بمساعدة أكبر قوتين على الأرض، هي أمريكا وروسيا، لضربِ أهل السنة والسيطرة عليهم، ولو كان الشيعة أقلية في دول.

فالعلاقة الدبلوماسية الأمريكية هنا تحولت إلى طائفية، وليس إلى مصالح اقتصادية أو سياسية أو حتى توازن إقليمي.

والهدف من هذه العلاقة الجديدة هو وأد أو إضعاف القوة الإسلامية المتعاظمة عند أهل السنة، كما كان وما يزال يقوم به طاغية سورية وعميل إيران الأول، من ضرب أقوى التنظيمات الإسلامية في الشام، ثم تنظيماتها العسكرية الآن، بمساعدة ما يسمى (حزب الله) له، ودعم إيران الكامل له، وتغطية أمريكية وغربية وروسية خاصة، بأشكال الدعم الظاهرة والخفية.

وهذا الاتجاه في العلاقة في نظر أمريكا يخفف عنها العبء العسكري الطويل، حيث ترى في كل تنظيم إسلامي سني إرهابًا، سواء أكان مسالمًا أم مسلحًا، بينما لا ترى عمليًا في أقوى التنظيمات الشيعية المسلحة إرهابًا؛ لأنها في الواقع لا تهدف إلى ضرب أمريكا ومصالحها، ولا الكيان الصهيوني، بل تستهدف أهل السنة وحدهم.

وهذه العلاقات الجديدة رسالة إلى كل أهل السنة، الملتزمين بدينهم وغير الملتزمين، للاعتماد على أنفسهم، وتشكيل قوة ذاتية منهم، لمجابهة الحلف الأمريكي الشيعي ضدهم.

وكان الشيعة منذ سنوات قليلة مضت ينادون بالبراءة من المشركين، ويعيّنون أمريكا بالذات، ويسمونها (الشيطان الأكبر)، وحديثًا قالوا (قوى الاستكبار)، ويعيّرون أهل السنة بذلك، وأنهم بموالاتهم لهم صاروا مثلهم، وهاهم الآن صاروا في حضن الشيطان، بعد موالاتهم لهم، بالتعاون معهم ضد المسلمين، فهم منهم، بشهادة علمائهم.