كتاب درر الأقوال من أفواه الرجال
لا توجد نسخة إلكترونية
درر الأقوال من أفواه الرجال/ محمد خير رمضان يوسف._ بيروت: دار ابن حزم، 1430هـ، 274 ص.
الناس صحراء الحياة بدون علماء.. لا حياةَ لهم بدونهم. فإذا عاشوا كانوا همجاً، عُمياً. وعاشَ من أنشد:
الأرضُ تحيا إذا ما عاش عالِمُها متى يمتْ عالمٌ منها يمتْ طَرَفُ
كالأرضِ تحيا إذا ما الغيثُ حلَّ بها وإنْ أبى عادَ في أكنافها التلَفُ
ولذلك فإنَّ إبعادهم من مسرح الحياة يعدُّ جريمة.
أليسوا يعرِّفوننا ربَّ هذا الكون، ويعلِّموننا دينه، ويذكِّروننا سننَ الله في خلقه، ويمهِّدون لنا الخير، ويرغِّبوننا في دار ضيافته، وينبِّهون إلى الشرِّ ويرهبوننا منه ومن عاقبةِ أمره؟
هؤلاءِ العلماء، أعني العاملين منهم، الذين يحببون دين الله إلى خلقه، لو جلستَ إليهم وانبسطتَ معهم في حديثهم، ورأوا منكَ الأدب الجمّ، والأذن الصاغية، لفتحوا لك صدورهم المملوءة علماً ورحمة، ولأوقدوا في حياتكَ المظلمة شموعَ النور ونورَ الرجاء، وفتَّتوا في عقلكِ جلاميد الجهل، وأزاحوا عن نفسك سرابيل الظلام.
هذا ما قاله المؤلف في المقدمة، ثم يعرج على مضمون الكتاب فيقول:
هذه طائفة من أقوال علمائنا الأجلاء، ومفكرينا الكرماء، هي كالعوض عن مجالسهم - ولا عوضَ عنها - أو أنها تذكِّرنا بها، قد يرى فيها الإخوة الذين حُرموا نعمةَ هذه المجالسِ شيئاً من ظلالها، ونسماتٍ من أفيائها، وحُزَماً من أضوائها.
وهؤلاء هم الرجال.
وهذه دررٌ من كلماتهم تتناثر من أفواههم كالجواهر والجُمان...
هي أقوالٌ وحِكم، نصائحُ ووصايا، تنبيهٌ وتذكير، أمرٌ وزجر، بيانٌ وتوكيد، فِكَر وعبر.
ولعلَّ الجميلَ فيها أنني لم أتعمَّد جمعها كلها من مصادرَ معينة، بل جاء كثيرٌ منها قيداً أثناء المطالعات، مما يُعجب ويؤنس، ويُفيد ويرغب.
ولم أنقلها من الكتبِ التي ألفتها وحققتها، حتى لا تتكررَ المعلوماتُ على القارئ المحبِّ المتابع.
وقد تكونُ الفقرةُ قولاً واحداً أو أقوالاً، لعالمٍ واحدٍ أو ثلةٍ منهم، في موضوعٍ واحدٍ، أو عدة موضوعات، لعلماءَ قدماءَ، أو بعضِ المحدَثين.
وجُلها يبعثُ على التفكير، منه ما هو عميقٌ يحتاجُ إلى وقفةٍ طويلة حتى "يُهضمَ" معناهُ وتُفكَّ رموزهُ وثناياه.
ومنه ما هو سهلٌ رقراق، فبينما تلامس حروفه عينيك ينطبع معناه في قلبك.
ومنه الوسط الذي يحتاج إلى قراءة متأنية، واسترسالٍ بتؤدة، ولا تنفع معه المطالعة السريعة، بل يكون على وجبات. وإلا عسر هضمه، وقلَّت فائدته.
إنه باختصار: روعي فيه جانب العلم، والثقافة، والتعلم. أعني أنه للطبقات المختلفة من أمة الإسلام: علمائها، ومثقفيها، وعوامها، عسى أن يكون نبراساً يهتدي به ضالّ، وحكمةً يؤوب بها عاص، وأملاً يتعلق به من أيس في الحياة.