كتاب طرح المدر لحل اللألاء والدرر
هذا نوع من الأدب عجيب، وأسلوب طرأ على التأليف غريب، سلك به مؤلفه نهجاً ذكر أنه لم يُسبق إليه، وهو الالتزام بتركيب الكلمات من الحروف المهملة، وعدم ذكر حرف معجم فيه، من أوله حتى آخره، متناً وشرحاً، شعراً ونثراً. وزاد فيه لوناً متكلفاً انتشر في العصرين المملوكي والعثماني، وهو السجع، وكان هذا في النثر، من أوله إلى آخره كذلك!
وأصل هذا الكتاب أيضاً للمؤلف، وهو قصيدة طويلة تقع في (79) بيتاً، سمّاها "اللألاء والدرر". ويبدو أنه حُسد في هذا، فزاد وتحدّى، بأن قدَّم شرحاً لهذه القصيدة، هو الآخر حروفه مهملة!
وزاد تحدِّيه بأن أورد أبياتاً تعضد الشرح وتزيد الأصل بياناً، هي الأخرى بدون نقط! وسمى شرحه هذا "طرح المَدَر لحلِّ اللألاء والدرر". لكنه أبقى مقدمته وخاتمته القصيرتين في كتابة عادية، لعله رأفة بالقارئ!
وقد ضيَّق على نفسه كثيراً بهذا الأسلوب، فقد استعمل (13) حرفاً فقط من حروف الهجاء الثمانية والعشرين!
قال المحقق: ولا أرى شدَّ العقول إلى مثل هذه الكتب الغريبة، ولا جذب النفوس إليها، فهو تكلف ممجوج، وتضييع وقت، ولكن لا بأس من وجود نموذج أو نموذجين منه ليكون بذلك نادراً وغريباً يُتفكَّه به طرداً للملل، على أن لا يتكرر. وهذا ما دعاني إلى تحقيق هذا الكتاب الفريد كرمز ونموذج لما حفل به تاريخنا وتراثنا الزاخر من بين ما حفل به. ولولا ما احتوى عليه من وعظ وحِكم جميلة وثناء عطر على نبينا عليه الصلاة والسلام، لما أقدمت على تحقيقه، فإن محتواه شريف...