صفاء وكدر

كم شخصًا أبرزَ نفسَهُ ونادى بتصحيحِ العقيدةِ والانتصارِ لها، بعد تقلباتٍ وتوقفاتٍ ومعارضات وربما تكفيرات؟!

ولكنهُ لم يفعلْ شيئًا، سوى ترديدِ ما سبقَ بكلماتٍ معاصرة،

وزيادةِ جدل، وتجديدِ خلاف.

إلى متى ونحن ندورُ في هذه الدوَّامة؟!

لم أشعرْ في يومٍ من الأيامِ أن عقيدتنا ناقصةٌ تحتاجُ إلى ردمِ فجواتها،

أو فيها زيادةٌ لا تلزم،

فقد أكملَ الله ديننا وأولهُ العقيدة، وسمّانا (مسلمين) وكفى.

ولكنها أقلامٌ تشرحُ وتوضحُ - في أحسنِ حال - وتدخلُ في مسائلَ وتأويلاتٍ لا ضرورةَ لها،

فتخطئُ وتثيرُ خلافاتٍ جديدة!

كما حدثَ بين فرقٍ ومذاهبَ ونظرياتٍ ورؤى،

في جدالاتٍ وحواراتٍ وردود،

وكثيرٌ من أصحابها يُلزمُ خصمَهُ باجتهاده،

فإذا لم يتبعْ رأيَهُ كفَّرهُ أو فسَّقهُ ووصمَهُ بالضلال.

فلا حاجة لها، والأفضلُ تجنبها، بغضِّ النظرِ عن تقويمها،

فقد دخلَ فيها الكلامُ والمنطقُ والفلسفة،

ولماذا نتكلفُ الزيادةَ والتفاصيلَ العقيمةَ في العقيدةِ وهي تؤدي إلى الاختلاف،

وقد نهانا الله ورسولهُ عنه؟

وإنَّ معظمها لا تلزمُ المسلم، بل يكفيه ما في السنةِ والكتاب،

ففيهما الكفاية، وفيهما الجلاءُ والصفاءُ والنقاء.

أليس من العجبِ أنَّ ما يَجمَعُ المسلمين هو عقيدتهم، ثم صارت العقيدةُ هي التي تفرقهم، لكثرةِ اختلافِ المتنطِّعين في تفاصيلها؟

تكفينا الأسسُ والأركانُ كما وردت، وما لم يفصَّل منها أصلًا لسنا مكلَّفين ببيانها، إلا ما يلزمُ منها للعوام، وما اشتبهَ منها نمرُّ عليها ونعتقدُها كما هي، كالمشتبهاتِ في القرآن، فإنها للامتحان، ويا فوزَ من نجا ولم يدخلْ في تفاصيلَ لا تثيرُ سوى الخلاف.

عقيدتُنا سهلة، ولذلك يقبلُ عليها الناس.. فلماذا نعقّدها؟!

عقيدتنا حنيفيةٌ ميسَّرة، فلماذا نتوسَّعُ فيها ونصعِّبها؟!

أما أصحابُ الخصومةِ والجدلِ والباطنِ فشأنُهم أسوأ.

وأما الردِّ على الشبهاتِ والمطاعنِ وخصوم العقيدة فبما يناسبُ أهلها، ولها كتبها الخاصة،

كمقارنةِ الأديان، ونقضِ النظرياتِ والمذاهبِ المعاصرةِ المخالفةِ للإسلام.

والله يتولى أمرنا، ويصلح ذواتنا، ويجمع كلمتنا.

 

(محمد خير رمضان يوسف)