روحك أيها الإنسان

لو جُمعَ علمُ الإنسانِ كلُّهُ منذُ أن خُلقَ لما بلغَ ذرَّةً من علمِ الله تعالَى،

علمُ الإنسانِ قليل،

بل قليلٌ جدًّا،

إن الإنسانَ لم يعرفْ سرَّهُ حتى الآن،

وإن سرَّهُ في روحه،

التي تبثُّ الحركةَ والحياةَ في سائرِ جسده،

ولولاها لكان جثَّةً هامدة.

وهو لم يرَ هذه الروح،

ولم يعرفْ تكوينها،

وحجمها،

وهيئتها،

وأين تكمنُ في الجسد،

ولا يعرفُ أين تذهبُ أثناءَ النوم!

فأساسُ حياةِ الإنسانِ هي الروح،

ولكن الإنسانَ لا يعرفُ روحه،

فلا يعرفُ أهمَّ شيءٍ فيه!

إنما يعرفُ بعضَ الأشياءِ التي يراها بعينهِ أو بواسطة،

ويعرفُ بعضَ أسرارها لا كلَّها،

وما لا يراهُ أكثر،

ولكنه لا يعرفها،

إلا ما أخبرَ الله به.

إن الروحَ علمها عند الله وحده:

{وَيَسْأَلُونَكَ عَنِ الرُّوحِ

قُلِ الرُّوحُ مِنْ أَمْرِ رَبِّي

وَمَا أُوتِيتُمْ مِنَ الْعِلْمِ إِلَّا قَلِيلًا}

سورة الإسراء: 85.

فهل يعتبرُ المادّيون،

الذين لا يؤمنون إلا بما يرون،

وهذه هي الروحُ التي لا يقدرون على إنكارها،

وإن لم يكونوا يرونها.

ويسكتون إذا جوبهوا بذلك،

ولكنهم يقولون:

إن العلمَ سيكتشفُ الروحَ كما اكتشفَ أشياءَ أخرى،

كما قالوا: إن العلم سيكتشفُ الموتَ ويوقفه!

وهذا الموتُ والروحُ والأشياءُ الأخرى الدقيقةُ المعقَّدةُ المنظَّمة..

مَن خلقها،

ومن علَّمها،

ومن قدَّرها لتعملَ هكذا،

ومن بثَّ فيها الروحَ والحركة؟

أليس مَن هداها لهذا قادرٌ على إيقافها،

كما يوقفُ حركةَ هؤلاءِ إذا قبضَ أرواحهم؟

ولكنهم لا يؤمنون إلا يومَها!

ولا ينفعهم الإيمانُ يومئذ.