- مدرسة الخير تريد الخيرَ للآخرين كما تريدهُ لنفسها!
- هي مدرسة مفتوحةٌ لجميع المسلمين، يتعاونون فيها على البرِّ والتقوى.
- لا رئيس لها ولا مدير، ولا مركز لها ولا إدارة، ولا ندوة فيها ولا مؤتمر!
- منهجها عدمُ إثارة الخلافات، وهدفها توحيدُ كلمة المسلمين وتجميع قوتهم، وغايتُها إرضاء الله سبحانه في دينه.
* * *
- وهذا نداء وتوجيه، وإشارات وإرشادات موجزة، وتوجيهات ونصائح، للتخفيف من آثارِ واقعِ ما يعيشه المسلمون، من انفصال فُرض عليهم، أو انعزال أقيم عليهم، أو أفكارٍ وجدت بينهم، فصار كلٌّ يأخذ من محيطه، ويستغرب مما عداه، فازدادت وجهاتُ النظر، وتحكَّم الخلاف، وخاصة في غياب الخليفة، الذي غالباً ما يجمعُ كلمة المسلمين.
- وقد صار المسلمون بتباعدِ الزمن أصحابَ مدارس، ومشاربَ ومذاهب، في الفقه والعقيدة، وفي السلوك والتنظيم. وصار كلٌّ يفضِّل رأي رئيسه، ويَصدُر عن قوله وفتواه.
- والاختلاف درجات، بين حوارٍ طيب لا تُخشى منه ثائرة، وتقيُّد بآراء لا يُحاد عنها؛ فيبدَّع مخالفُها ويفسَّق، وأقصاها التكفيرُ وإعلان الحرب... وبين هذه الدرجات درجات.
- وهم جميعاً يَعبدون رباً واحداً، ويأخذون عن نبي واحد، ويَصدُرون عن كتاب سماوي واحد!
- وبعض هؤلاء جرَّب كل شيء في حياته إلا نبذَ الخلاف، فإنه لم يجرِّبه، ولم يفكر فيه! فصار الخلافُ قطعة منه، وجزءاً من حياته، لا يقدر أن يعيش بدونه!!
- إن الخلاف ليس ضرورياً ولا واجباً، بل هو يشقُّ صفَّ المسلمين إذا لم يستعمل بحقه، بينما جمعُ كلمة المسلمين ووحدةُ الأمة واجب.
- ولو عمل كلٌّ للوحدة كما عمل للخلاف، لوجد فجوات كثيرة مُلئت، ومُنعرجات عديدة سُوِّيت، وجراحات كثيرة ضُمدت.
- فكن حريصاً على الخير، تجمع فيه شملك وشمل إخوانك، لتكونوا أقوى وأمنع وأهيب عند الأمم، بدل أن تكونوا غُثاء، ونهباً، وصيداً للأعداء.
- ولئن تجمعَ خيرٌ من أن تفرِّق.
- ولا تحتاج سوى إلى إرادة المسلم التقي، الذي يضع حبَّ الإسلام والمسلمين فوق الهوى والعصبية، والطائفيةِ والمذهبية، والحزبيةِ والحركية.
- وإذا كان لا بدَّ للخلاف أن يظهر، فليكن في ثوب معقول لا مبالغة فيه ولا تهويل، وفي أسلوب علمي، وجوٍّ أخوي إسلامي، لا حساسية فيه ولا تشهير، ولا مخاصمة فيه ولا تكفير، ولا عداوة فيه ولا تحقير.
- فبالإمكان أن تنقد أي عملٍ لمسلم تراه مخالفاً، ولكن لتعلم أن هذا الذي ترد عليه أخ لك ربما جانب الصواب من غير قصد، وقد لا توفَّق في نقده فتكون أنت المخطئ، أو أن الأمر خلافي قِدماً، فمنهم من قال بقولك، ومنهم من قال بقوله، فلماذا لا تسكت ما دام قولك لا يقدِّم ولا يؤخر، وتوفر بذلك جهدك لأمور مفيدة، ولا تشغل المسلمين بما لا فائدة من تكراره.
- وأنت تقدر أن تبيِّن الحق من غير أن تقول إنه رد على فلان، وتكون بذلك قد بلغت وبرَّأت ذمَّتك، أو تقول: ما بال أقوام...
- واعلم أن "الرفقَ لا يكونُ في شَيء إلاّ زانه، ولا يُنزَعُ من شيءٍ إلاّ شانَه"، كما قاله رسولنا الكريم صلى الله عليه وسلم. وقد تجذب باللين والرفق أخاك المسلم إلى رأيك، أو على الأقل لا تجعله يبغضك، فلا تشقُّ به صفاً، ولا تغيِّر به قلباً.
- وأما إذا فُقد الرفق من نقاشك معه، وجاء بدلاً منه التوبيخ والتحقير، والكلام الفظ الغليظ، والتجريح والتكفير، فإن الغالب عليه ألا يستجيب لقولك ولو كان حقاً، واقرأ إن شئت رسالة "الفرق بين النصيحة والتعيير" لتعلم ماذا قال أئمة العلم والهدى في ذلك، ولئلا تظن أن صاحبك وحده كذلك. وبذلك تكون دخلت في الإثم ولم تجنِ من قولك الحق ما ترجوه، والسبب هو أنت، هو قلبك المليء بالحقد والكراهية والضغينة، وأنت تريد أن تطفئ غضبك الشديد من بين سطور الانتصار للحق.
- ولكن هيهات! فإن الذين ينتصرون للحق من أجل الحق ليسوا كذلك، إنهم كرماء أتقياء، وذوو همم ونفوس عالية لا تدخل في سفاسف الأمور، بل تكظم غيظها، وتتغاضى عن حظوظ نفسية لأجل الصدع بالحق وتسهيل مروره.
- إذاً فقد عرفت أنك إذا تعلمتَ الحق، فعليك أن تتعلمَ معه كيف تبلِّغه.
- وسلامٌ عليك إن كنت تشفق على أمتك وتضع مصلحة وحدتها وقوّتها فوق أحقادك الشخصية، وأهلاً بك حينئذ في مدرسة الخير ومهمتها الجليلة.