إنها يوميات يمكن أن تتحقق!
وهي تدوين ما يجري يوميًّا في المسجد الحرام والمسجد النبوي الشريف، من أخبار وأحداث عامة وخاصة، يدوِّنها علماء ودعاة وطلبة علم وصحفيون، ويساعدهم في عملهم مصمِّمون ومصوِّرون وإخباريون، في هيئة أو تجمع علمي وإعلامي يُشكَّل لأجل ذلك، يموِّله أهل الخير كما موَّلوا "لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام" وغيره من المشاريع العلمية والخيرية الكثيرة هناك.
وإذا كان موقع "الرئاسة العامة لشؤون المسجد الحرام والمسجد النبوي" يقوم بقسم من هذه المهمة، فإنه لا يكفي، ولا يُشبع رغبة طلبة العلم والعلماء، فالصفة الغالبة عليه هي الحكومية، وتورَد أخبار معينة وبحذر. ولكن يُستفاد منه بالتأكيد.
والتركيز في هذه "اليوميات" يكون على النواحي العلمية والدعوية والاجتماعية، وخاصة أخبار العلماء الذين يزورون الحرمين من أنحاء العالم، يحجّون ويعتمرون، وقد يشاركون في أعمال علمية بصفة رسمية أو لا.
فالالتقاء بهؤلاء العلماء في الحرمين، ومعرفة أخبارهم وأحوالهم، وشيوخهم وتلامذتهم، وذكر آثارهم العلمية، واهتماماتهم، وأساليب تعليمهم، ونقل أخبار مجتمعاتهم إلى المسلمين، يكون فيه فائدة كبيرة، حيث يتعرَّف المسلمون بعضهم على بعض، ويتعاونون على البرّ وصنائع الخير، مع تعزيز التعاون الثقافي الإسلامي بينهم، وزيارتهم ومساعدتهم عند اللزوم.
هذا عدا فنون العلوم الأخرى التي تحصل من جرّائها، كالإجازات والروايات التي يهتم بها طلبة العلم والعلماء، ويحنّون إليها، ويسافرون لأجلها إلى بلاد بعيدة.
وكذلك الاستفادة من نتاجهم العلمي مما يخص الحرمين، ومعرفة آثار أخرى فيهما في بلادهم.
ويكون إنتاج هذه اليوميات تقنيًّا، وهو تصميم موقع باسم "يوميات الحرمين"، وتستقبل فيه المقالات والتعليقات والمشاركات العلمية الأخرى، كالصوتية والمرئية، من المهتمين، وترتَّب وتنقَّح وتوزَّع على أقسام الموقع وأبوابه، فيُعرف كل ما يحدث في المسجدين الشريفين.
كما تضاف إليه الأخبار التاريخية (العلمية) مما له علاقة بالحرمين.
ويخصَّص في الموقع باب لرحلات الحج، فهي في معظمها رحلات علمية، فيها أحاديث عمن لقي أصحابها العلماء، أو أصحاب الشأن في الحرمين، أو أيًّا من فئات المجتمع الإسلامي، وما جرى بينهم من حديث، ومسائل وحوارات علمية، تفيد أهل العلم، وتؤرِّخ للمسجدين.
ويخصص باب آخر لما كُتب عن الحرمين، من كتب وبحوث، ومن صور وخرائط وغيرها.
وآخر للكعبة وتأريخها وكسوتها وهداياها.
وآخر لمكتبات الحرمين وما يحسب عليهما، وهذا باب واسع، يمكن الاستفادة العلمية منه إلى أقصى حد، بنشر مخطوطاتها ووثائقها، وما يتعلق بها بشكل عام، أو يشار إلى روابطها عند توفرها.
وكلٌّ ينشر ما عنده، مما حدث معه، أو رآه في مصدر، مع التوثيق العلمي.
وأبرز باب في الموقع وأجمله هو باب "يوميات الحرمين"، فتكتب السنوات والشهور والأيام بشكل فني، ويسترجع الباحثون من خلالها ما حدث في تلك الأيام، في معالجة بيانية إلكترونية، وتخزن فيها الأخبار والأحداث نقلاً من الكتب والدوريات، وما يحدث آنيًّا.
والأفضل أن يكون الموقع (شبكة)، لتخصص فيها مواقع لعلماء وأهل الإحسان والوجهاء المهتمين بالحرمين الشريفين، ولأمور علمية أخرى، كما يأتي في الفقرة التالية.
فمن أبرز الأمور العلمية التي تجري في الحرمين وتفيد أهل العلم "لقاء العشر الأواخر بالمسجد الحرام"، الذي يديره الأخوان الكريمان محمد بن ناصر العجمي من الكويت، ونظام محمد صالح يعقوبي من البحرين، ويموله "بعض أهل الخير من الحرمين الشريفين ومحبيهم"، وتقوم بطبع وتصميم وتوزيع منشوراته دار البشائر الإسلامية ببيروت.
وليس لهذا "اللقاء" موقع مخصص حتى الآن، بل يعلن عنه في موقع الدار المذكورة، ويعرض فيه فقط عناوين الرسائل والكتب. مع أن الأولى أن يكون له موقع خاص، تعرض فيه جميع الرسائل والكتب التي حُققت، بنصِّها، فهي تطبع على نفقة أهل الخير، ولا أظنهم يمانعون ذلك.
وفيها فوائد علمية كثيرة، ولا يقتنيها إلا فئة قليلة من أهل العلم، ولا كشاف عامٌّ لها ليُعلم ما تحتويه، فالفائدة الحقيقية منها قليلة، ولا ترتقي إلى المجهودات التي تبذل لأجلها.
وفي كل لقاء يُعقد بالمسجد الحرام تُقرأ نحو (20) رسالة أو أكثر من رسائل التراث الإسلامي، أكثرها في الحديث الشريف والفقه الإسلامي والتراجم، ثم تطبع. ويكون عددها ارتقى إلى (340) رسالة، وربما (400) رسالة، فهي مكتبة بذاتها!
وعسى أن تتحقق هذه الأمور الطيبة، المفيدة، المباركة، قريبًا، أو بعد حين، ومثلها في المسجد الأقصى الجريح.
وقد لا تبدو القيمة العلمية المتكاملة من هذا العمل في أوائله، ولكنه بعد سنوات أو عقود من الزمن ستكون الفائدة المرجوَّة منه مؤكدة، وهكذا تبدأ المشاريع متواضعة، ثم تكبر..
والله الموفِّق.