فرقٌ بين أن تكونَ مصدِّرًا للثقافة،
وبين أن تكونَ مستوردًا لها!
تكتملُ شخصيةُ المسلمِ الثقافيةُ عندما يعتزُّ بدينهِ ويشعرُ بأنه مكتف،
وليسَ بحاجةٍ إلى إضافةِ أيةِ ثقافةٍ غريبةٍ أخرى إليها،
بل يعملُ على تصديرِ ثقافتهِ ليتنوَّرَ بها الناسُ ويتعرَّفوا دينَ الإسلام.
وتكونُ شخصيتهُ الثقافيةُ ناقصة،
عندما يأخذُ من هنا وهناك بدونِ تحفظ،
ليكملَ ثقافتهُ الناقصةَ على حسابِ دينه،
فيكونُ بذلكَ مستوردًا لثقافةٍ أخرى،
مُذَلاًّ لها.
ألا تنظرون إلى الغربيين كيف يصدِّرون ثقافتهم؟
وكم يبذلونَ من جهدٍ وكم ينفقونَ من مال؟
ألم تسمعوا بالعولمة الثقافية؟
هل فيها شيء من الثقافة الإسلامية؟
ومع ذلك انظروا كم يركضُ وراءها من المسلمين،
أعني المحسوبين على الإسلام،
من الحداثيين والليبراليين والعلمانيين والمتغربين بشكل عام!
ولو كانتِ القوةُ للإسلام،
لكانتِ الثقافةُ الإسلاميةُ هي السائدة،
وهي الحاكمة،
كما كانت في قرون سالفة،
ولكن بما أن الغرب هو القوي،
فثقافتهُ هي المسيطرة،
وسيطرتها إنما هي على أصحابِ الإيمانِ الضعيفِ والثقافةِ الضعيفةِ من المسلمين،
ويسمَّى مقلِّدوها (إمَّعة)،
يعني إنْ أحسنَ الناسُ أحسنَ معهم،
وإن أساؤوا أساءَ معهم،
فمثلُ هذا لا شخصيةَ له،
إنما هو متقمِّصٌ شخصيةً أخرى،
ومقلِّدٌ كالببغاء،
ومتلبِّسٌ بألبسةٍ مستعارةٍ متهالكة،
قد لبسها ناسٌ قبله،
وهو لا يستحي أن يلبسها مرةً أخرى،
والمسلمُ ذو الشخصيةِ القوية،
والثقافةِ الأصيلة،
يبقى مرفوعَ الرأس،
صامدًا،
كالشجرِ الضاربِ جذورهُ في أعماقِ الأرض،
مفتخرًا ومعتزًا بدينهِ وثقافته،
تهمُّه عقيدتهُ قبلَ كل شيء،
إنْ أحسنَ الناسُ أو أساؤوا.
وعلى أكتافِ هؤلاءِ تُبنى الحضارات،
وبجهودِ أمثالِ هذه القممِ الشامخةِ تُشادُ الأممُ القوية،
وبعزمهم تصمدُ الجبهةُ الثقافيةُ الإسلامية،
لا المقلِّدين المتهالكين،
فهؤلاءِ لا يعملونَ لأمَّتهم ليرفعوا من شأنها،
بل يعملونَ لحسابِ الغرب،
ويرفعونَ من شأنه!
لأنهم مقلِّدوهم،
ومعظمُ ثقافتهم من عندهم،
فهم يردِّدون أقوالهم،
ويتمعَّكون في أوحالِ نظرياتهم...