سنبقَى متخلفين عن الأممِ ما دامَ الاختلافُ أحبَّ إلينا وأهمَّ من الاتفاق،
انظرْ إلى عددِ المعلِّقين على منشورٍ خلافيّ،
وإلى عددهم في منشورٍ اتفاقيّ،
وأكثرهم من طبقةِ المثقفين،
ومحبي الجهاد،
والدعاةِ النشطين،
المرشحين للقيادةِ المستقبليةِ للأمة،
في صفحات الكتبِ والمجلات،
وفي المجالسِ والجامعات،
وعلى بساطِ التواصلِ الاجتماعي،
وحتى على ذُرَى جبهاتِ القتال!
وهم فئاتٌ وأصنافٌ وطوائف،
لا يتنازلُ أحدٌ لآخرَ إلا نادرًا ولظروف،
ولو كانت نتيجتهُ القوةَ والاجتماع!
لتعرفَ عددَ المتعلقين بالاختلاف،
والمفضِّلين له،
والصادحين به،
والرافعين رايته،
وعددَ المهملين للاتفاق،
واللامبالين به،
والمتجاوزين عنه،
لنصلَ إلى نتيجةٍ أننا لسنا مؤهلين لقيادةِ الأممِ بعد؛
لأننا فاقدون الأهليةَ لقيادةِ أنفسنا،
فلا اتفاقَ لكلمتنا،
ولا جمعَ لقوَّتنا،
فكيف نقودُ غيرنا ونحن متشرذمون فاشلون؟
لم نتعلمْ بعدُ حبَّ الاتفاقِ وقيمته،
ولذَّةَ الشعورِ بالقوةِ ونتيجته،
في التضامنِ والتعاونِ والمحبةِ والوفاءِ والفداء؛
لأجلِ ديننا،
الذي ينبغي أن يكونَ أعزَّ علينا من أرواحنا وطبائعنا العنيدة،
وجدالنا الذي لا ينتهي.
لم تتشرَّبْ نفوسُنا بعدُ بسموِّ العلياء،
ما زالتْ تحتاجُ إلى تمحيص،
حتى تتشوَّفَ من جديدٍ إلى سنَّةِ التمكين.
إننا نلومُ قادةَ العربِ والمسلمين لعدمِ اجتماعهم،
ونهزأُ بتفرقهم وخلافاتهم التي لا تنتهي،
والحقُّ أن الإسلاميين أيضًا خلافاتهم كثيرة،
فما عذرهم ودينُهم واحد؟
ألا فليعلمْ هؤلاء وأولئك،
أن الله لا يغيِّرُ أحوالنا إلا إذا غيَّرنا ما بأنفسنا.
اللهم خذْ بيدنا،
وأصلحْ أحوالنا.