الحمد لله العليّ القدير، والصلاة والسلام على البشير النذير، وعلى آله وصحبه أجمعين.
قد منَّ الله عليَّ بالاستدراك على الإمام الشوكاني في تفسيره العظيم "فتح القدير الجامع بين فنَّي الرواية والدراية من علم التفسير"، وكانت تمرُّ بي فوائد فيه أعجب لها وآنس بها فأدوّنها، وأردت أن يشاركني في الإفادة منها القارئ الكريم، فجمعتها ورتبتها في هذه المقالة، مكتفيًا بذكر الآية أولًا في الغالب، لتدلَّ على موضعها من التفسير، وقد أتبعها بذكر الجزء والصفحة، وقليلًا ما أقتصر على الأخير. والمقصود طبعة دار الكلم الطيب (ط2، دمشق، بيروت، 1419 هـ). والله الموفق.
*** *** ***
1- {ٱللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ} [سورة البقرة: 15].
قال في تفسير أول الآية: أي: يُنزل بهم الهوان والحقارة، وينتقم منهم، ويستخفّ بهم؛ انتصافاً منهم لعباده المؤمنين.
2- {مَن كَانَ عَدُوّاً لّلَّهِ وَمَلـئِكَتِهِ وَرُسُلِهِ وَجِبْرِيلَ وَمِيكَـٰلَ فَإِنَّ ٱللَّهَ عَدُوٌّ لِّلْكَـٰفِرِينَ } [سورة البقرة: 98].
العداوة من العبد هي صدور المعاصي منه لله، والبغضُ لأوليائه، والعداوة من الله للعبد هي تعذيبه بذنبه، وعدمُ التجاوز عنه، والمغفرةِ له.
3- {سَيَقُولُ السُّفَهَاء مِنَ النَّاسِ مَا وَلاَّهُمْ عَن قِبْلَتِهِمُ الَّتِي كَانُواْ عَلَيْهَا} [سورة البقرة: 142].
السفهاء: جمع سفيه، وهو الكذَّاب البَهَّات المعتقد خلاف ما يعلم، كذا قال بعض أهل اللغة. وقال في الكشاف: هم خفاف الأحلام، ومثله في القاموس.
4- {يَاأَيُّهَا النَّاسُ كُلُواْ مِمَّا فِي الأَرْضِ حَلاَلاً طَيِّباً} [سورة البقرة: 168].
سمي الحلال حلالًا لانحلال عقدة الحظر عنه. والطيب هنا هو المستلذ. (1/193).
5- سمي السوء سوءًا لأنه يسوء صاحبه بسوء عاقبته. (1/193).
6- قال في طالوت عند تفسير قوله تعالى: {قَالَ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاهُ عَلَيْكُمْ وَزَادَهُ بَسْطَةً فِي الْعِلْمِ وَالْجِسْمِ وَاللّهُ} [سورة البقرة: 247]:
{ٱصْطَفَـٰهُ عَلَيْكُمْ} أي: اختاره، واختيار الله هو الحجة القاطعة. ثم بين لهم مع ذلك وجه الاصطفاء: بأن الله زاده بسطة في العلم، الذي هو ملاك الإنسان، ورأس الفضائل، وأعظم وجوه الترجيح، وزاده بسطة في الجسم، الذي يظهر به الأثر في الحروب، ونحوها، فكان قوياً في دينه، وبدنه، وذلك هو المعتبر، لا شرف النسب. فإن فضائل النفس مقدّمة عليه. (1/303).
7- والتابوت: فعلوت من التوب، وهو الرجوع؛ لأنهم يرجعون إليه. (1/303).
8- {قَالَ كَمْ لَبِثْتَ} [سورة البقرة: 259].
وإنما قال: {يَوْماً أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} بناء على ما عنده، وفي ظنه، فلا يكون كاذباً، ومثله قول أصحاب الكهف: {قَالُواْ لَبِثْنَا يَوْمًا أَوْ بَعْضَ يَوْمٍ} [سورة الكهف: 19]، ومثله قوله صلى الله عليه وسلم في قصة ذي اليدين: " لم تَقصر ولم أنس". وهذا ما يؤيد قول من قال: إن الصدق ما طابق الاعتقاد، والكذب ما خالفه. (1/320).
9- قد اختلف أهل العلم في قوله: {لا إِكْرَاهَ فِى ٱلدّينِ} [سورة البقرة: 256] على أقوال:
الأوّل: أنها منسوخة؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أكره العرب على دين الإسلام، وقاتلهم، ولم يرض منهم إلا بالإسلام، والناسخ لها قوله تعالى:{يٰأَيُّهَا ٱلنَّبِىُّ جَـٰهِدِ ٱلْكُفَّـٰرَ وَٱلْمُنَـٰفِقِينَ } [سورة التوبة: 73، سورة التحريم: 9]، وقال تعالى: {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ قَاتِلُواْ ٱلَّذِينَ يَلُونَكُمْ مّنَ ٱلْكُفَّارِ وَلِيَجِدُواْ فِيكُمْ غِلْظَةً وَٱعْلَمُواْ أَنَّ ٱللَّهَ مَعَ ٱلْمُتَّقِينَ} [سورة التوبة: 123]، وقال: {سَتُدْعَوْنَ إِلَىٰ قَوْمٍ أُوْلِى بَأْسٍ شَدِيدٍ تُقَـٰتِلُونَهُمْ أَوْ يُسْلِمُونَ}[سورة الفتح: 16]، وقد ذهب إلى هذا كثير من المفسرين.
القول الثاني: أنها ليست بمنسوخة، وإنما نزلت في أهل الكتاب خاصة، وأنهم لا يُكْرَهون على الإسلام إذا أدّوا الجزية، بل الذين يُكْرَهون هم أهل الأوثان، فلا يقبل منهم إلا الإسلام، أو السيف، وإلى هذا ذهب الشعبي، والحسن، وقتادة، والضحاك.
القول الثالث: أن هذه الآية في الأنصار خاصة....
10- ما أحسن ما يحكى عن بعض العرب أنه قيل له: إنك تموت، وتُبعث، وترجع إلى الله، فقال: أتهددونني بمن لم أر الخير قط إلا منه؟ (1/381).
11- {هُنَالِكَ دَعَا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قَالَ رَبِّ هَبْ لِي مِن لَّدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً} [سورة آل عمران 38].
المعنى: أنه دعا في ذلك المكان الذي هو قائم فيه عند مريم، أو في ذلك الزمان، أن يهب الله له ذرية طيبة، والذي بعثه على ذلك ما رآه من ولادة حنَّة لمريم، وقد كانت عاقراً، فحصل له رجاء الولد، وإن كان كبيراً، وامرأته عاقراً، أو بعثه على ذلك ما رآه من فاكهة الشتاء في الصيف، والصيف في الشتاء عند مريم؛ لأن من أوجد ذلك في غير وقته يقدر على إيجاد الولد من العاقر.
12- {كُونُواْ رَبَّـٰنِيِّينَ بِمَا كُنتُمْ تُعَلِّمُونَ ٱلْكِتَٰبَ وَبِمَا كُنْتُمْ تَدْرُسُونَ} [سورة آل عمران: 79].
في هذه الآية أعظم باعث لمن علم على أن يعمل، وإن من أعظم العمل بالعلم تعليمه، والإخلاص لله سبحانه. (1/407).
13- {يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِّنَ ٱللَّهِ وَفَضْلٍ} [سورة آل عمران 171]:
النعمة: ما يُنعم الله به على عباده. والفضل: ما يتفضل به عليهم، وقيل النعمة: الثواب، والفضل: الزائد، وقيل: النعمة الجنة، والفضل داخل في النعمة، ذٌكر بعدها لتأكيدها. (1/458).
14- {وَمَن يُقَاتِلْ فِي سَبِيلِ ٱللَّهِ فَيُقْتَلْ أَو يَغْلِبْ فَسَوْفَ نُؤْتِيهِ أَجْراً عَظِيماً} [سورة النساء: 74].
وعد المقاتلين في سبيل الله بأنه سيؤتيهم أجراً عظيماً لا يقادر قدره، وذلك أنه إذا قُتل فاز بالشهادة التي هي أعلى درجات الأجور، وإن غَلب وظفر كان له أجر من قاتل في سبيل الله، مع ما قد ناله من العلوّ في الدنيا والغنيمة.
وظاهرُ هذا يقتضي التسوية بين من قتُل شهيداً، أو انقلب غانماً، وربما يقال: إن التسوية بينهما إنما هي في إيتاء الأجر العظيم، ولا يلزم أن يكون أجرهما مستوياً، فإن كون الشيء عظيماً هو من الأمور النسبية التي يكون بعضها عظيماً بالنسبة إلى ما هو دونه، وحقيراً بالنسبة إلى ما هو فوقه. (1/562).
15- {أَتُرِيدُونَ أَن تَهْدُواْ مَنْ أَضَلَّ اللّهُ وَمَن يُضْلِلِ اللّهُ فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلا}؟ [سورة النساء: 88].
للتقريع والتوبيخ، وفيه دليل على أن من أضله الله لا تنجع فيه هداية البشر.
قوله: {فَلَن تَجِدَ لَهُ سَبِيلاً} أي: طريقاً إلى الهداية. (1/572).
16- {إِنَّ ٱلْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ ٱللَّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ} [سورة النساء: 142].
مخادعتهم لله هي أنهم يفعلون فعل المخادع، من إظهار الإيمان وإبطان الكفر، ومعنى كون الله خادعهم: أنه صنع بهم صنع من يخادع من خادعه، وذلك أنه تركهم على ما هم عليه من التظهر بالإسلام في الدنيا، فعصم به أموالهم، ودماءهم، وأخر عقوبتهم إلى الدار الآخرة، فجازاهم على خداعهم بالدرك الأسفل من النار. (1/610).
17- {قُلْ يَاأَهْلَ الْكِتَابِ لاَ تَغْلُواْ فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ} [سورة المائدة: 77].
أي: غلوًّا غيرَ غلوِّ الحق، وأما الغلوُّ في الحق، بإبلاغ كلية الجهد في البحث عنه، واستخراج حقائقه، فليس بمذموم. (2/75).
18- {أَلَمْ يَرَوْاْ كَمْ أَهْلَكْنَا مِن قَبْلِهِم مّن قَرْنٍ} [سورة الأنعام: 6].
القرن: يطلق على أهل كل عصر، سموا بذلك لاقترانهم... وقيل: القرن مدّة من الزمان، وهي ستون عاماً، أو سبعون، أو ثمانون، أو مائة، على اختلاف الأقوال.
19- {وَأَرْسَلْنَا ٱلسَّمَاء عَلَيْهِم مَّدْرَاراً} [سورة الأنعام: 6].
المدرار: صيغة مبالغة تدل على الكثرة، كمذكار للمرأة التي كثرت ولادتها للذكور، ومئناث للتي تلد الإناث.
20- {حَتَّىٰ إِذَا جَاءوكَ يُجَـٰدِلُونَكَ يَقُولُ ٱلَّذِينَ كَفَرُواْ إِنْ هَـٰذَا إِلاَّ أَسَـٰطِيرُ ٱلأوَّلِينَ} [سورة الأنعام 25].
الأساطير: قال الزجاج: واحدها أسطار. وقال الأخفش: أسطورة. وقال أبو عبيدة: أسطارة. وقال النحاس: أسطور. وقال القشيري: أسطير. وقيل: هو جمع لا واحد له، كعباديد وأبابيل، والمعنى: ما سطره الأوّلون في الكتب من القصص والأحاديث. قال الجوهري: الأساطير: الأباطيل والترّهات.
21- {وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنّى مَلَكٌ} [سورة الأنعام: 50].
{وَلا أَقُولُ لَكُمْ إِنّى مَلَكٌ} حتى تكلّفوني من الأفعال الخارقة للعادة مالا يطيقه البشر. وليس في هذا ما يدل على أن الملائكة أفضل من الأنبياء. وقد اشتغل بهذه المفاضلة قوم من أهل العلم، ولا يترتب على ذلك فائدة دينية ولا دنيوية. بل الكلام في مثل هذا من الاشتغال بما لا يعني، و"من حُسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه".
22- قيل: الروح إذا خرجت من البدن في المنام بقيت فيه الحياة، وقيل: لا تخرج منه الروح، بل الذهن فقط، والأَولى أن هذا أمر لا يعرفه إلا الله سبحانه. (2/142).
23- قال النحاس: والعرب تقول: "يوم مظلم" إذا كان شديداً، فإذا عظمت ذلك قالت: يوم ذو كوكب، أي: يحتاجون فيه لشدّة ظلمته إلى كوكب. (2/143).
24- {وَإِذَا رَأَيْتَ ٱلَّذِينَ يَخُوضُونَ فِيۤ ءَايَاتِنَا فَأَعْرِضْ عَنْهُمْ حَتَّىٰ يَخُوضُواْ فِي حَدِيثٍ غَيْرِهِ} [الأنعام 68].
في هذه الآية موعظة عظيمة لمن يتسمح بمجالسة المبتدعة، الذين يحرّفون كلام الله، ويتلاعبون بكتابه وسنة رسوله، ويردّون ذلك إلى أهوائهم المضلة وبدعهم الفاسدة، فإنه إذا لم ينكر عليهم ويغير ما هم فيه، فأقلّ الأحوال أن يترك مجالستهم، وذلك يسير عليه غير عسير. وقد يجعلون حضوره معهم مع تنزّهه عما يتلبسون به شبهة يشبهون بها على العامة، فيكون في حضوره مفسدة زائدة على مجرد سماع المنكر.
وقد شاهدنا من هذه المجالس الملعونة ما لا يأتي عليه الحصر، وقمنا في نصرة الحق ودفع الباطل بما قدرنا عليه وبلغت إليه طاقتنا، ومن عرف هذه الشريعة المطهرة حق معرفتها، علم أن مجالسة أهل البدع المضلة فيها من المفسدة أضعاف أضعاف ما في مجالسة من يعصي الله بفعل شيء من المحرّمات، ولا سيما لمن كان غير راسخ القدم في علم الكتاب والسنة، فإنه ربما ينفق عليه من كذباتهم وهذيانهم ما هو من البطلان بأوضح مكان، فينقدح في قلبه ما يصعب علاجه ويعسر دفعه، فيعمل بذلك مدّة عمره، ويلقى الله به معتقداً أنه من الحق، وهو من أبطل الباطل وأنكر المنكر. (2/146).
25- أخرج أبو الشيخ عن الضحاك قال: إن للعلماء درجات كدرجات الشهداء. (2/155).
26- {وَإِن تُطِعْ أَكْثَرَ مَن فِى ٱلأرْضِ يُضِلُّوكَ عَن سَبِيلِ ٱللَّهِ} [سورة الأنعام: 116].
أخبره الله سبحانه بأنه إذا رام طاعة أكثر من في الأرض أضلوه، لأن الحق لا يكون إلا بيد الأقلين، وهم الطائفة التي لا تزال على الحق، ولا يضرّها خلاف من يخالفها، كما ثبت ذلك عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.
27- {إِنَّهُ يَرَاكُمْ هُوَ وَقَبِيلُهُ مِنْ حَيْثُ لاَ تَرَوْنَهُمْ} [سورة الأعراف: 27].
استدل جماعة من أهل العلم بهذه الآية على أن رؤية الشياطين غير ممكنة، وليس في الآية ما يدل على ذلك، وغاية ما فيها أنه يرانا من حيث لا نراه، وليس فيها أنا لا نراه أبداً، فإن انتفاء الرؤية منا له في وقت رؤيته لنا لا يستلزم انتفاءها مطلقاً.
28- {وكلوا واشربوا ولا تسرفوا} [سورة الأعرف: 31].
ومن الإسراف: الأكل لا لحاجة، وفي وقت شبع.
29- {قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللّهِ الَّتِيَ أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالْطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِي لِلَّذِينَ آمَنُواْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ} [الأعراف:32].
... ما أحسن ما قال ابن جرير الطبري: ولقد أخطأ مَن آثرَ لباسَ الشعر والصوف على لباس القطن والكتان، مع وجود السبيل إليه مِن حلِّه، ومن أكل البقول والعدس واختاره على خبز البرّ، ومن ترك أكل اللحم خوفاً مِن عارض الشهوة.
[وقال الإمام الآلوسي في تفسيره روح المعاني: ... وقد نص الفقهاء على أنه يستحب التجمل؛ لقوله عليه الصلاة والسلام: "إن لله تعالى إذا أنعم على عبد أحب أن يرى أثر نعمته عليه". وقيل لبعضهم: أليس عمر رضي الله تعالى عنه كان يلبس قميصاً عليه كذا رقعة؟ فقال: فعل ذلك لحكمة، هي أنه كان أمير المؤمنين، وعماله يقتدون به، وربما لا يكون لهم مال فيأخذون من المسلمين. نعم كره بعض الأئمة لبس المعصفر والمزعفر، وكرهوا أيضاً أشياء أخر تطلب من محالها].
30- {وَإِذَا صُرِفَتْ أَبْصَارُهُمْ تِلْقَاء أَصْحَابِ النَّارِ} [سورة الأعراف: 47].
أصل معنى "تلقاء": جهة اللقاء، وهي جهة المقابلة.
31- {فِي سِتَّةِ أَيَّامٍ} [سورة الأعراف: 54].
أصل "ستة" سدسة، أُبدلت التاء من أحد السينين، وأُدغم فيها الدال، والدليل على هذا أنك تقول في التصغير سديسة، وفي الجمع أسداس، وتقول: جاء فلان سادساً.
32- {وَذَرُواْ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي أَسْمَآئِهِ} [سورة الأعراف: 180].
الإلحاد: الميل وترك القصد... والإلحاد في أسمائه سبحانه يكون على ثلاثة أوجه:
- إما بالتغيير، كما فعله المشركون، فإنهم أخذوا اسم (اللات) من الله، و(العُزَّى) من العزيز، و(مناة) من المنّان.
- أو بالزيادة عليها، بأن يخترعوا أسماء من عندهم لم يأذن الله بها.
- أو بالنقصان منها، بأن يدعوه ببعضها دون بعض.
33- {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُون} [سورة الأنفال: 27].
سميت أمانات لأنه يؤمَن معها من منعُ الحق، مأخوذة من الأمن.
34- {قُل لَّن يُصِيبَنَا إِلاَّ مَا كَتَبَ ٱللَّهُ لَنَا} [سورة التوبة: 51].
الإنسان إذا علم أن ما قدّره الله كائن، وأن كل ما ناله من خير أو شرّ إنما هو بقدر الله وقضائه، هانت عليه المصائب، ولم يجد مرارة شماتة الأعداء وتشفّي الحسدة.
35- {وَعَدَ الله الْمُنَافِقِينَ وَالْمُنَافِقَاتِ وَالْكُفَّارَ نَارَ جَهَنَّمَ} [سورة التوبة: 68].
في هذه الآية دليل على أن "وعد" يقال في الشر، كما يقال في الخير.
36- {وَلاَ تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِّنْهُم مَّاتَ أَبَدًا وَلاَ تَقُمْ عَلَىَ قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُواْ بِاللّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُواْ وَهُمْ فَاسِقُون} [سورة التوبة 84].
إنما وصفهم بالفسق بعد وصفهم بالكفر؛ لأن الكافر قد يكون عدلاً في دينه، والكذب والنفاق والخداع والجبن والخبث مستقبحة في كل دين.
37- المسرف في اللغة: هو الذي ينفق المال الكثير لأجل الغرض الخسيس. (3/488).
38- {إِنَّ ٱللَّهَ لاَ يَظْلِمُ ٱلنَّاسَ شَيْئًا وَلَـٰكِنَّ ٱلنَّاسَ أَنفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ} [سورة يونس 44].
ذكر هذا عقب ما تقدّم من عدم الاهتداء بالأسماع والأبصار، لبيان أن ذلك لم يكن لأجل نقص فيما خلقه الله لهم من السمع والعقل، والبصر والبصيرة، بل لأجل ما صار في طبائعهم من التعصب والمكابرة للحق، والمجادلة بالباطل، والإصرار على الكفر، فهم الذين ظلموا أنفسهم بذلك، ولم يظلمهم الله شيئاً من الأشياء، بل خلقهم وجعل لهم من المشاعر ما يدركون به أكمل إدراك، وركّب فيهم من الحواس ما يصلون به إلى ما يريدون، ووفر مصالحهم الدنيوية عليهم، وخلَّى بينهم وبين مصالحهم الدينية، فعلى نفسها براقش تجني.
39- {قُلْ أَرَأَيْتُمْ إِنْ أَتَاكُمْ عَذَابُهُ بَيَاتًا أَوْ نَهَارًا مَّاذَا يَسْتَعْجِلُ مِنْهُ الْمُجْرِمُون} [سورة يونس: 50].
وجه الإنكار عليهم في استعجالهم: أن العذاب مكروه تنفر منه القلوب، وتأباه الطبائع، فما المقتضى لاستعجالهم له؟
40- {أَتَقُولُونَ عَلَى ٱللَّهِ مَا لاَ تَعْمَلُونَ} [سورة يونس: 68]
... يستفاد من هذا أن كل قول لا دليل عليه ليس هو من العلم في شيء، بل من الجهل المحض.
41- {مُرِيب} [سورة هود: 62].
الريبة: قلق النفس، وانتفاء الطمأنينة.
42- {وَكَذَلِكَ نَجْزِى ٱلْمُحْسِنِينَ} [سورة يوسف 22].
كل من أحسن في عمله أحسن الله جزاءه. وجعل عاقبة الخير من جملة ما يجزيه به. وهذا عام...
43- {نَبّىء عِبَادِى أَنّى أَنَا ٱلْغَفُورُ ٱلرَّحِيمُ . وَأَنَّ عَذَابِى هُوَ ٱلْعَذَابُ ٱلأَلِيمُ } [سورة الحِجر: 49-50].
عندما جمع الله لعباده بين هذين الأمرين من التبشير والتحذير، صاروا في حالة وسط بين اليأس والرجاء، وخيرُ الأمور أوساطها، وهي القيام على قدمي الرجاء والخوف، وبين حالتي الأنس والهيبة.
44- {إِنَّ فِى ذَلِكَ} التسخير لهذه الأمور، {لآيَةً} واضحة {لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ} [سورة النحل: 13].
فإن من تذكَّر اعتبر، ومن اعتبر استدلَّ على المطلوب.
45- {فَخَرَجَ عَلَىٰ قَوْمِهِ مِنَ ٱلْمِحْرَابِ} [سورة مريم: 11].
وهو مصلاه، واشتقاقه من الحرْب، كأنّ ملازمه يحارب الشيطان. وقيل: من الحرَب محركاً، كأن ملازمه يلقَى حرَباً وتعباً ونصباً.
46- {قَالَ هِيَ عَصَايَ} [سورة طه: 18].
تعرّض قوم لتعداد منافع العصا، فذكروا من ذلك أشياء، منها قول بعض العرب: عصاي أركزها لصلاتي، وأعدّها لعداتي، وأسوق بها دابتي، وأقوى بها على سفري، وأعتمد بها في مشيتي، ليتسع خطوي، وأثب بها النهر، وتؤمنني العثر، وألقي عليها كسائي، فتقيني الحرّ، وتدفيني من القرّ، وتدني إليّ ما بعد مني، وهي تحمل سفرتي، وعلاقة إداوتي، أعصي بها عند الضراب، وأقرع بها الأبواب، وأقي بها عقور الكلاب، وتنوب عن الرمح في الطعان، وعن السيف عند منازلة الأقران، ورثتها عن أبي، وأُورثها بعدي بنيّ.
47- {وَهُمْ مّنْ خَشْيَتِهِ مُشْفِقُونَ} [سورة الأنبياء: 28].
الخشية: الخوف مع التعظيم، والإشفاق: الخوف مع التوقع والحذر.
48- {وَتُوبُواْ إِلَى ٱللَّهِ جَمِيعاً أَيُّهَ ٱلْمُؤْمِنُونَ} [سورة النور: 31].
فيه الأمر بالتوبة، ولا خلاف بين المسلمين في وجوبها، وأنها فرض من فرائض الدين.
49- {أَرَءَيْتَ مَنِ ٱتَّخَذَ إِلَـٰهَهُ هَوَاهُ} [سورة الفرقان: 43].
أي: أطاع هواه طاعة كطاعة الإله، أي: انظر إليه يا محمد، وتعجَّب منه. قال الحسن: معنى الآية: لا يهوى شيئاً إلاّ اتبعه.
50- {نُودِيَ أَن بُورِكَ مَن فِي ٱلنَّارِ وَمَنْ حَوْلَهَا} [سورة النمل: 8].
حكى الكسائي عن العرب: باركك الله، وبارك فيك، وبارك عليك، وبارك لك، وكذلك حكى هذا الفراء.
51- {وَلَقَدْ آتَيْنَا دَاوُودَ وَسُلَيْمَانَ عِلْماً} [سورة النمل: 15].
في الآية دليل على شرف العلم، وارتفاعِ محله، وأن نعمة العلم من أجلِّ النعم التي ينعم الله بها على عباده، وأن من أوتيه فقد أوتي فضلاً على كثير من العباد، ومُنح شرفاً جليلاً.
52- {إِنَّمَآ أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ رَبَّ هَذِهِ ٱلْبَلْدَةِ ٱلَّذِي حَرَّمَهَا} [سورة النمل 91].
معنى {حَرَّمَهَا}: جعلها حرماً آمناً لا يُسفك فيها دم، ولا يُظلم فيها أحد، ولا يُصطاد صيدها، ولا يُختلى خلاها.
53- {فَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ} [سورة الروم: 38].
... قال مجاهد: لا تقبلْ صدقةً من أحد.
54- {وَيَوْمَ تَقُومُ ٱلسَّاعَةُ} [سورة الروم: 55].
أي: القيامة، وسميت ساعة لأنها تقوم في آخر ساعة من ساعات الدنيا.
55- {ٱلنَّبِيُّ أَوْلَىٰ بِٱلْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ} [سورة الأحزاب: 6].
أي: هو أحقُّ بهم في كلّ أمور الدين والدنيا، وأولى بهم من أنفسهم، فضلاً عن أن يكون أولى بهم من غيرهم، فيجب عليهم أن يؤثروه بما أراده من أموالهم، وإن كانوا محتاجين إليها، ويجب عليهم أن يحبوه زيادة على حبهم أنفسهم، ويجب عليهم أن يقدّموا حكمه عليهم على حكمهم لأنفسهم. وبالجملة فإذا دعاهم النبيّ صلى الله عليه وسلم لشيء ودعتهم أنفسهم إلى غيره، وجب عليهم أن يقدّموا ما دعاهم إليه ويؤخروا ما دعتهم أنفسهم إليه، ويجب عليهم أن يطيعوه فوق طاعتهم لأنفسهم، ويقدّموا طاعته على ما تميل إليه أنفسهم وتطلبه خواطرهم.
56- {وَهُوَ خَيْرُ ٱلرزِقِينَ} [سورة سبأ: 39].
رزق العباد لبعضهم البعض إنما هو بتيسير الله وتقديره، وليسوا برازقين على الحقيقة، بل على طريق المجاز، كما يقال في الرجل: إنه يرزق عياله، وفي الأمير: إنه يرزق جنده، والرازق للأمير، والمأمور، والكبير، والصغير، هو الخالق لهم، ومَن أخرج من العباد إلى غيره شيئاً مما رزقه الله، فهو إنما تصرّف في رزق الله له.
57- {وَلَوْ نَشَاء لَمَسَخْنَاهُمْ عَلَى مَكَانَتِهِمْ} [سورة يس: 67].
المسخ: تبديل الخِلقة إلى حجر أو غيره من الجماد أو بهيمة.
58- {وَٱلَّذِينَ إِذَا أَصَابَهُمُ ٱلْبَغْىُ هُمْ يَنتَصِرُونَ} [سورة الشورى: 39].
ذكر سبحانه هؤلاء المنتصرين في معرض المدح، كما ذكر المغفرة عند الغضب في معرض المدح؛ لأن التذلل لمن بغى ليس من صفات من جعل الله له العزة، حيث قال: {وَلِلَّهِ ٱلْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ} [سورة المنافقون: 8]، فالانتصار عند البغي فضيلة، كما أن العفو عند الغضب فضيلة. قال النخعي: كانوا يكرهون أن يذلوا أنفسهم فيجترىءَ عليهم السفهاء. ولكن هذا الانتصار مشروط بالاقتصار على ما جعله الله له وعدم مجاوزته، كما بينه سبحانه عقب هذا بقوله: {وَجَزَاء سَيّئَةٍ سَيّئَةٌ مّثْلُهَا} ...
59- {وَكَذَلِكَ مَا أَرْسَلْنَا مِن قَبْلِكَ فِي قَرْيَةٍ مِّن نَّذِيرٍ إِلاَّ قَالَ مُتْرَفُوهَا إِنَّا وَجَدْنَا آبَاءنَا عَلَى أُمَّةٍ وَإِنَّا عَلَى آثَارِهِم مُّقْتَدُون} [سورة الزخرف:23].
خصص المترفين تنبيهًا على أن التنعم هو سبب إهمال النظر.
60- {يٰأَيُّهَا ٱلَّذِينَ ءامَنُواْ ٱجْتَنِبُواْ كَثِيراً مّنَ ٱلظَّنّ} [سورة الحجرات: 12].
الظنّ هنا هو مجرد التهمة التي لا سبب لها، كمن يتهم غيره بشيء من الفواحش ولم يظهر عليه ما يقتضي ذلك، وأمر سبحانه باجتناب الكثير ليفحص المؤمن عن كل ظنّ يظنه حتى يعلم وجهه؛ لأن مِن الظنِّ ما يجب اتباعه، فإن أكثر الأحكام الشرعية مبنية على الظنّ، كالقياس وخبر الواحد ودلالة العموم، ولكن هذا الظنّ الذي يجب العمل به قد قوي بوجه من الوجوه الموجبة للعمل به، فارتفع عن الشكّ والتهمة.
قال الزجاج: هو أن يظنّ بأهل الخير سوءًا، فأما أهل السوء والفسوق، فلنا أن نظنّ بهم مثل الذي ظهر منهم.
قال مقاتل بن سليمان، ومقاتل بن حيان: هو أن يظنّ بأخيه المسلم سوءًا، ولا بأس به ما لم يتكلم به، فإن تكلم بذلك الظنّ وأبداه أثم.
وحكى القرطبي عن أكثر العلماء، أن الظنّ القبيح بمن ظاهره الخير لا يجوز، وأنه لا حرج في الظنّ القبيح بمن ظاهره القبيح.
61- {وَكَانَ سَعْيُكُم مَّشْكُورًا} [سورة الإنسان: 22].
أي: كان عملكم في الدنيا بطاعة الله مرضيًّا مقبولًا. وشكرُ اللهِ سبحانه لعمل عبده هو قبوله لطاعته.
62- {وَيْلٌ لِّلْمُطَفِّفِين} [سورة المطففين: 1].
قال الزجاج: إنما قيلَ للذي ينقصُ المكيال والميزان مطفِّف؛ لأنه لا يكاد يسرق في المكيال والميزان إلا الشيء اليسير الطفيف.
63- {وَمَا أَدْرَاكَ مَا الطَّارِق} [سورة الطارق: 2].
قال سفيان: كل ما في القرآن {وَمَا أَدْرَاكَ} فقد أخبره به، وكل شيء قال: {وَمَا يُدْرِيكَ} لم يخبره به.