يصرِّحُ القرآنُ الكريمُ بأن المنافقينَ طبقةٌ خاصةٌ تعيشُ في المجتمعِ الإسلامي، لا ينتمونَ إلى المسلمين، ولا إلى الكافرين {مُّذَبْذَبِينَ بَيْنَ ذَلِكَ لاَ إِلَى هَـؤُلاء وَلاَ إِلَى هَـؤُلاء} [سورة النساء: 143].
إنهم متحَيِّرونَ ومتأرجِحونَ بين الكُفرِ والإيمان، ومترَدِّدونَ بين الكافرينَ والمؤمنين، فلا هم منسوبونَ إلى المؤمنينَ حقيقةً لإضمارِهمُ الكُفر، ولا هم يُظهرونَ الكُفرَ ليُقالَ إنَّهم كفّار، بل ظاهِرُهم مع المؤمنينَ وباطنُهم مع الكافِرين.
ولا يُقبَلُ إيمانهم إنْ كان فيهم إيمان، كما لا يُقبَلُ إيمانُ كلِّ مَن آمنَ ببعضِ الإسلامِ وكفرَ ببعضه. يقولُ سبحانهُ وتعالَى: {إِنَّ الَّذِينَ يَكْفُرُونَ بِاللهِ وَرُسُلِهِ وَيُرِيدُونَ أَنْ يُفَرِّقُوا بَيْنَ اللهِ وَرُسُلِهِ وَيَقُولُونَ نُؤْمِنُ بِبَعْضٍ وَنَكْفُرُ بِبَعْضٍ وَيُرِيدُونَ أَنْ يَتَّخِذُوا بَيْنَ ذَلِكَ سَبِيلًا . أُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ حَقًّا وَأَعْتَدْنَا لِلْكَافِرِينَ عَذَابًا مُهِينًا} [سورة النساء:150- 151]
إنَّ الذين تَقودُهمْ مذاهبُهم وآراؤهم إلى الكفرِ باللهِ ورسلِه، وهم يقولونَ إنَّهم مؤمنون، ويريدونَ أن يفرِّقوا في هذا الإيمان، فيؤمنونَ باللهِ ويكفرونَ برسُلِه، ويقولون: نؤمنُ ببعضِ الأنبياءِ ونكفرُ ببعضِهمُ الآخَر، ويُريدونَ أن يتَّخِذوا بين الإيمانِ والكفرِ مسلكاً يَسلُكونَه، مع أنَّ الإيمانَ لا يَختلِف، والحقَّ لا يَتعدَّد، فهؤلاءِ كفرُهم مُحقَّق، ولا عبرةَ بما ادَّعوا من إيمانٍ وسلكوا مِنْ مَسلك، وقد أعتدْنا لهؤلاءِ الكافرينَ وأمثالِهم عذاباً مُذِلاًّ، جزاءَ كفرِهمُ الذي ظنُّوا به عِزَّة.