من الآدابِ الاجتماعيةُ التي سنَّها الإسلامُ وحسمَها لصالحِ الحقِّ، وقد يتحرَّجُ منها المسلمُ ومازال، موضوعُ أدبٍ في الاستئذان، كما في قوله تعالى: {فَإِن لَّمْ تَجِدُوا فِيهَا أَحَداً فَلَا تَدْخُلُوهَا حَتَّى يُؤْذَنَ لَكُمْ وَإِن قِيلَ لَكُمُ ارْجِعُوا فَارْجِعُوا هُوَ أَزْكَى لَكُمْ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ عَلِيمٌ} (سورة النور: 28).
والمقصودُ حالةُ الرجوع، فإذا طلبَ منكَ صاحبُ الدارِ عدمَ الدخولِ فارجعْ طيبةً نفسُك!.
وتفسيرها: إذا طُلِبَ منكمُ الرُّجوعُ فارجِعوا ولا تُلِحُّوا في الدُّخول، فإنَّهُ أطهَرُ لقلوبِكم وأنفَعُ لدينِكم ودنياكُم. واللهُ عليمٌ بما تأتونَ وما تتركونَ ممّا كلَّفكم به، ومنه الدُّخولُ بإذنٍ أو بغيرِ إذن.
والله لا يستحيي من تبيينِ الحقّ، فهو الربُّ الذي يأمرُ بالحقّ، وما فيه صالحُ العباد، ويربِّي المسلمينَ على آدابِ دينه.
يقولُ سبحانهُ وتعالَى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَدْخُلُوا بُيُوتَ النَّبِيِّ إِلَّا أَن يُؤْذَنَ لَكُمْ إِلَى طَعَامٍ غَيْرَ نَاظِرِينَ إِنَاهُ وَلَكِنْ إِذَا دُعِيتُمْ فَادْخُلُوا فَإِذَا طَعِمْتُمْ فَانتَشِرُوا وَلَا مُسْتَأْنِسِينَ لِحَدِيثٍ إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ يُؤْذِي النَّبِيَّ فَيَسْتَحْيِي مِنكُمْ وَاللَّهُ لَا يَسْتَحْيِي مِنَ الْحَقِّ} (سورة الأحزاب: 53).
أيُّها المؤمِنون، لا تَدخُلوا منازلَ رسولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم إلاَّ أنْ تُدْعَوا إلى طعامٍ فيُؤذَنَ لكم لتأكلوه، غيرَ مُنتظرينَ نُضْجَهُ واستِواءَه، ولكن إذا دُعِيتُم فادخلوا وكلُوا، فإذا أكلتُم فتَفرَّقوا واخرجوا من منزله، ولا تجلسوا لتستأنِسوا بالحديث، فإنَّ ذلكَ يشقُّ على النبيِّ لأُمورٍ تخصُّهُ وأهلَه، وهو يستَحيي أن يطلبَ منكم الانصراف، واللهُ لا يتركُ تأديبَكم وبيانَ الحَقِّ حياءً.